قوله: { قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } - إلى قوله - { خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } يعنون بقولهم { أَخٌ لَّهُ }: يوسف. قال مجاهد: كان يوسف صلى الله عليه وسلم سرق صنماً لجده، أبي أمه، فكَسَرهُ، وألقاه في الطريق. فَعَابَهُ إخوته بذلك. وإنما أراد يوسف بكسره، وأخذه الخير: فليس ذلك بسرق، بل هو مَحْضُ الدين والعبادة، وإنكار المنكر. وقال ابن جريج: كانت أم يوسف مسلمة، فأمرته أن يسرق صنماً لخاله، كان يعبده. وروي عن مجاهد أن عمة يوسف بنت إسحاق، وكانت أكبر من يعقوب صارت إليها منطقة إسحاق لسنها: لأنهم / كانوا يتوارثونها بالسن. وكان من سرقها استملك. وكانت عمة يوسف قد حضنته، وأحبَّتْه حباً شديداً فلما ترعرع، قال لها يعقوب: سلِّمي يوسف إليّ فلست أقدر أن يغيب عني ساعة، قالت له: (دعه عندي) أياماً أنظر إليه لعلي أتسلى عنه. فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه، ثم قالت: لقد فقدت منطقة إسحاق؟ فانظروا من أخذها، ومن أصابها فالتُمِسَت ثم قالت: اكشفوا أهل البيت، فكشفوا، فوجدت مع يوسف، فقالت: والله إنه لي لم أصنع فيه ما شئت. ثم أتاها يعقوب فأخبرته الخبر، فقال (لها): أنت وذاك إن كان فعل (ذلك)، فهو سلم لك، فأمسكته حتى ماتت. فبذلك عَيَّره إخوته. ومعنى الآية أنه على الحكاية، أي قالوا: إن يسرق فقد (قيل) سرق أخ لهم من قبل. إنما حكوا ما قد كان قبل، لم يقطعوا بالسرقة عليه. هذا أحسن ما تأوله العلماء، والله أعلم بذلك. والضمير في قوله: { فَأَسَرَّهَا } ، إضمار، قبل الذكر (قد) فسره الله عز وجل لنا أن الذي أسره قوله: { أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً } - إلى قوله - { تَصِفُونَ } (أي) أضمر هذا في نفسه. وقيل: أسر في نفسه المجازاة لهم على قولهم، ولم يرد أن يبين عذره في ذلك. وقيل: أسرَّ في نفسه قولهم: { فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } ولم يرد أن يدفعه ويراجعهم عليه. بل كتم قولهم له وصبر. قوله: { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ }: أي: (من) قولكم: هل هو حق أو كذب. ثم قالوا ليوسف: { يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ } أي: الملك { إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً }: يعنون كلفاً بحبه، فخذ واحداً منَّا مكان هذا الذي سرق وخل عنه { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ }: في أفعالك. وقيل: المعنى: إنا نرى ذلك منك إحساناً إلينا إن فعلته. قال يوسف { مَعَاذَ ٱللَّهِ }: أي: عياذاً بالله أن نأخذ غير من سرق. { إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ } إن فعلنا ذلك. قال السدي: ثم قال لهم يوسف: إذا أتيتم أباكم فأقرؤه السلام، وقولوا له: إن ملك مصر يدعو لك ألا تموت حتى ترى ابنك يوسف.