{ قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ } لن نختارك { عَلَىٰ مَا جَاءنَا مِنَ ٱلْبَيّنَـٰتِ } القاطعة الدالة على صدق موسى { وَٱلَّذِى فَطَرَنَا } عطف على { مَا جَاءنَا } أي لن نختارك على الذي جاءنا ولا على الذي خلقنا، أو قسم وجوابه { لَن نُّؤْثِرَكَ } مقدم على القسم { فَٱقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ } فاصنع ما أنت صانع من القتل والصلب قال:
وعليهما مسرودتان قضاهما
أي صنعهما أو احكم ما أنت حاكم { إنما تقضي هذه الحياة الدنيا } أي في هذه الحياة الدنيا فانتصب على الظرف أي إنما تحكم فينا مدة حياتنا. { أَنَاْ ءامَنَّا بِرَبّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَـٰيَـٰنَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ } «ما» موصولة منصوبة بالعطف على { خَطَـٰيَـٰنَا } { مِنَ ٱلسّحْرِ } حال من «ما»، روي أنهم قالوا لفرعون: أرنا موسى نائماً ففعل فوجدوه تحرسه عصاه فقالوا: ما هذا بسحر الساحر إذا نام بطل سحره فكرهوا معارضته خوف الفضيحة فأكرههم فرعون على الإتيان بالسحر وضر فرعون جهله به ونفعهم علمهم بالسحر فكيف بعلم الشرع { وَٱللَّهُ خَيْرُ } ثواباً لمن أطاعه { وَأَبْقَىٰ } عقاباً لمن عصاه وهو رد لقول فرعون { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ }. { أَنَّهُ } هو ضمير الشأن { مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً } كافراً { فَإِنَّ لَهُ } للمجرم { جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا } فيستريح بالموت { وَلاَ يَحْيَىٰ } حياة ينتفع بها { وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً } مات على الإيمان { قَدْ عَمِلَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } بعد الإيمان { فَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَـٰتُ ٱلْعُلَىٰ } جمع العليا { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ } بدل من { ٱلدَّرَجَـٰتُ } { تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } دائمين { وَذٰلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّىٰ } تطهر من الشرك بقول لا إله إلا الله. قيل: هذه الآيات الثلاث حكاية قولهم. وقيل: خبر من الله تعالى لا على وجه الحكاية وهو أظهر { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِى } لما أراد الله تعالى إهلاك فرعون وقومه أمر موسى أن يخرج بهم من مصر ليلاً ويأخذ بهم طريق البحر { فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِى ٱلْبَحْرِ } اجعل لهم من قولهم ضرب له في ماله سهماً { يَبَساً } أي يابساً وهو مصدر وصف به يقال: يبس يَبسا ويُبسا { لاَّ تَخَافُ } حال من الضمير في { فَٱضْرِب } أي اضرب لهم طريقاً غير خائف. { لاَ تَخَفْ } حمزة على الجواب { دَرَكاً } هو اسم من الإدراك أي لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك { وَلاَ تَخْشَىٰ } الغرق وعلى قراءة حمزة { وَلاَ تَخْشَىٰ } استئناف أي وأنت لا تخشى أو يكون الألف للإطلاق كما في{ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ } [الأحزاب: 10] فخرج بهم موسى من أول الليل وكانوا سبعين ألفاً وقد استعاروا حليهم فركب فرعون في ستمائة ألف من القبط فقص أثرهم فذلك قوله { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ } هو حال أي خرج خلفهم ومعه جنوده { فَغَشِيَهُمْ مّنَ ٱلْيَمّ } أصابهم من البحر { مَا غَشِيَهُمْ } هو من جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة أي غشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله عز وجل { وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ } عن سبيل الرشاد { وَمَا هَدَىٰ } وما أرشدهم إلى الحق والسداد وهذا رد لقوله