قوله تعالى: { وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ } " إنْ " هي المخففة، واللام فارقة وهي للتأكيد، وقد تقدَّم حكم ذلك [البقرة:143]. و " الأيْكَة ": الشَّجرة الملتفَّّة، واحدة الإيْكِ. قال: [الكامل]
3290ـ تَجْلُو بِقَادمتَي حَمامَةِ أيْكَةٍ
بَرَداً أسِفَّ لِثاتهُ بالإثْمِدِ
ويقال: لَيْكَة، وسيأتي بيانه عند اختلاف القرَّاء فيه الشعراء: [176] إن شاء الله ـ تعالى ـ. وأصحاب الأيكة: قوم شعيب كانوا أصحاب غياضٍ، وشجرٍ متلفٍّ. قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: وكان عامة شجرهم الدوم، وهو المقل. { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } بالعذاب. روي أنَّ الله ـ تعالى ـ سلَّط عليهم الحر سبعة أيَّام، فبعث الله ـ سبحانه ـ سحابة فالتجئوا إليها يلتمسون الرَّوْحَ؛ فبعث الله عليهم منها ناراً، فأحرقتهم، فهو عذابُ يوم الظُّلة. قوله تعالى: { وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } في ضمير التثنية أقوال: أرجحها: عوده على [قريتي] قوم لوطٍ، وأصحاب الأيكةِ، وهم: قوم شعيبٍ؛ لتقدُّمها ذكراً. وقيل: يعود على لوطٍ وشعيبٍ، [وشعيبٌ] لم يجر له ذكر، ولكن دلَّ عليه ذكر قومه. وقيل: يعود على الخبرين: خبر هلاك قوم لوطٍ، وخبر إهلاك قوم شعيبٍ. وقيل: يعود على أصحاب الأيكةِ، وأصحاب مدين؛ لأنه مرسلٌ إليهما، فذكر أحدهما يشعر بالأخرى. وقوله ـ جل ذكره ـ { لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } أي: بطريق واضح، والإمام [اسم لما] يؤتمُّ به. قال الفراء، والزجاج: " إنَّما جعل الطَّريقُ إماماً؛ لأنه يؤمُّ، ويتبع ". قال ابن قتيبة: لأنَّ المسافر يأتمُّ به حتى يصير إلى الموضع الذي يريده. وقوله: " مُبينٍ " يحتمل أنه مبين في نفسه، ويحتمل أنه مبين لغيره، لأن الطريق تهدي إلى المقصد.