قوله تعالى: { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } [التوبة: 74] - إلى قوله تعالى - { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [التوبة: 79]. - العياشي: عن جابر بن أرقم، قال: بينا نحن في مجلس لنا و أخي زيد بن أرقم يحدثنا، إذ أقبل رجل على فرسه، عليه هيئة السفر، فسلم علينا، ثم وقف فقال: أ فيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد: أنا زيد بن أرقم، فما تريد؟ فقال الرجل: أ تدري من أين جئت؟ قال: لا. قال: من فسطاط مصر، لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال له زيد: و ما هو؟ قال: حديث غدير خم في ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقال: يا بن أخي، إن قبل غدير خم ما أحدثك به، أن جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام) نزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدعا قوما أنا فيهم، فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم، فلم ندر ما نقول، و بكى (صلى الله عليه و آله) فقال له جبرئيل: ما لك- يا محمد- أ جزعت من أمر الله! فقال: " كلا- يا جبرئيل- و لكن قد علم ربي ما لقيت من قريش إذ لم يقروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادي، و أهبط إلي جنودا من السماء فنصروني، فكيف يقروا لعلي من بعدي! " فانصرف عنه جبرئيل، ثم نزل عليه{ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ } [هود: 12]. فلما نزلنا الجحفة راجعين و ضربنا أخبيتنا نزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية:{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } [المائدة: 67]، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو ينادي: " يا أيها الناس، أجيبوا داعي الله، أنا رسول الله " فأتيناه مسرعين في شدة الحر فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه، و بعضه على قدميه من الحر، و أمر بقم ما تحت الدوح، فقم ما كان ثم من الشوك و الحجارة، فقال رجل: ما دعاه إلى قم هذا المكان، و هو يريد أن يرحل من ساعته؟! ليأتينكم اليوم بداهية، فلما فرغوا من القم أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يؤتى بأحداج دوابنا و أقتاب إبلنا و حقائبنا، فوضعنا بعضها على بعض، ثم ألقينا عليها ثوبا، ثم صعد عليها رسول الله (صلى الله عليه و آله) فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: " أيها الناس، إنه نزل علي عشية عرفة أمر ضقت به ذرعا مخافة تكذيب أهل الإفك، حتى جاءني في هذا الموضع وعيد من ربي إن لم أفعل، ألا و إني غير هائب لقوم و لا محاب لقرابتي. أيها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟ " قالوا: الله و رسوله، قال: " اللهم اشهد، و أنت- يا جبرئيل- فاشهد " حتى قالها ثلاثا. ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فرفعه إليه، ثم قال: " اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والد من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله " قالها ثلاثا. ثم قال: " هل سمعتم؟ " قالوا: اللهم بلى، قال: " فأقررتم؟ " قالوا: اللهم نعم. ثم قال: " اللهم اشهد، و أنت- يا جبرئيل- فاشهد ".