قوله تعالى: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ } أي: اقرأ يا محمد على قومك { نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ } خبره مع أبيه وقومه، وحُسْن مجادلته إياهم على إثبات الوحدانية لله ونفي إلهية الأصنام. { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ } كان عليه السلام يعلم أنهم يعبدون الأصنام، لكنه استنطقهم؛ تمهيداً لما سَيُورده عليهم في معرض الاحتجاج على إيصال ما انتحلوه معبوداً من دون الله. { قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } مقيمين على عبادتها نهاراً. { قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ } فيه إضمار، تقديره: هل يسمعون دعاءكم أو ندائكم، { إِذْ تَدْعُونَ }. وقرأ سعيد بن جبير وقتادة وعاصم الجحدري: " يُسْمِعُونكم " بضم الياء وكسر الميم. قال أبو الفتح ابن جني: المفعول [هنا] محذوف، أي: [هل] يُسْمِعُونكم إذ تدعون جواباً عن دعائكم؟ يقال: دعاني فأَسمعتُه، أي: أسمعته جواب كلامه ودعائه. قال: وأما قراءة الجماعة: " يَسْمَعُونَكُم " فإنَّ " سمعْتَ " بابُها أن يتعدى إلى ما كان صوتاً [مسموعاً]؛ كقولك: سمعتُ كلامك، وسمعتُ حديثك، فإن وقعتْ على جوهرٍ [تعدت] إلى مفعولين، ولا يكون الثاني منهما إلا صوتاً، كقولك: سمعتُ زيداً يُحدِّثُ، ولا يجوز: سمعتُ زيداً يقُوم؛ لأن القيام ليس من المسموعات. قال: وأما قوله: " هل يَسْمَعُونَكُم إذ تدعون " فإنه على حذف المضاف، وتقديره: [هل] يسمعون دعاءكم؟ ودلّ عليه قوله: " إِذْ تَدْعُون ". { أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ } أي: هل ينفعونكم إن عبدتموهم، أو يضرونكم إن لم تعبدوهم. فألجأهم الانقطاع عند ظهور الحجة عليهم إلى الاعتصام بتقليد الآباء فقالوا: { قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ } أي: أعداء، أو كل واحد منهم عدو لي إن اتخذتهم آلهة وعبدتهم، { إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } استثناء منقطع. وقال ابن زيد: هو استثناء متصل؛ لأنهم [كانوا] يعبدون الله تعالى مع آلهتهم.