قوله تعالى: { أولئك } يعني: الموصوفين بهذه الصفات من قوله: { الذين يمشون }.. إلى هاهنا، { يجزون الغرفة } قال ابن عباس: الجنة. وقال غيره: يريد: غرف الجنة، وهي العلالي، فَوَحَّدَ لما ذكرناه أولاً في " إماماً ". { بما صبروا } على أذى المشركين وجهادهم حين أمروا بالجهاد، وعلى طاعة الله وعن معصيته. { ويَلْقَون فيها } قرأ أهل الكوفة إلا حفصاً: " ويَلْقَوْن " بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف، من لَقَى يَلْقَى، فيتعدى إلى مفعول واحد وهو " تحيةً ". وقرأ الباقون بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف، حملاً على الفعل الذي قبله؛ ليقع اللفظ بهما على وزن واحد. { تحيةً وسلاماً } قال ابن عباس: يُحيّي بعضهم بعضاً بالسلام، ويرسل إليهم الربّ عز وجل بالسلام. { خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً } سبق تفسيره. قوله تعالى: { قل ما يعبأ بكم ربي } قال ابن عباس: ما يصنع بكم ربي. قال الزجاج وغيره من أهل اللغة: تقول: ما عبَأتُ بفلان، أي: ما كان له عندي [وزن] ولا عددته شيئاً. { لولا دعاؤكم } أي: لولا إيمانكم، المعنى: لولا دعاؤه [إياكم]. وقيل: لولا عبادتكم. رويا عن ابن عباس. فالمعنى على هذا: أي مقدار لكم عند الله، لولا أنه خلقكم لتوحدوه وتعبدوه. وقال ابن قتيبة: في الآية إضمار، تقديره: ما يعبأ بعذابكم ربي لولا ما تدعونه [من دونه] من الشريك والولد. قوله تعالى: { فقد كذبتم } خطابٌ لأهل مكة في قول جمهور المفسرين. والخطاب بقوله: " يعبأ بكم ربي " للمؤمنين، وقيل: للكافرين. قال صاحب الكشاف: الخطاب يتوجه إلى الناس على الإطلاق، ومنهم مؤمنون عابدون، ومنهم مكذبون عاصون، فخوطبوا بما وجد في جنسهم من العبادة والتكذيب. { فسوف يكون لزاماً } أي: فسوف يكون العذاب لزاماً لكم. قال ابن مسعود وأبي بن كعب في آخرين: هو يوم بدر. وهذا معنى قول ابن مسعود: خمس قد مضين: الدخان واللزام والبطشة والقمر والروم. فالمعنى: أنهم قُتلوا في يوم بدر ولزمهم العذاب مُتَّصِلاً بعذاب الآخرة. والله تعالى أعلم.