{ وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً } مكراً عظيماً في الإضرار به { فَجَعَلْنَـٰهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } أي أخسرَ من كل خاسر حيث عاد سعيُهم في إطفاء نور الحقِّ برهاناً قاطعاً على أنه عليه السلام على الحق وهم على الباطل، وموجباً لارتفاع درجته واستحقاقِهم لأشد العذاب. { وَنَجَّيْنَـٰهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ } أي من العراق إلى الشام وبركاته العامة فإن أكثر الأنبـياءِ بُعثوا فيه فانتشرت في العالمين شرائعُهم التي هي مبادي الكمالات والخيراتِ الدينية والدنيويةِ، وقيل: كثرةُ النعم والخِصْبُ الغالب، روي أنه عليه السلام نزل بِفلَسطين ولوطٌ عليه السلام بالمؤتفكة وبـيهما مسيرةُ يومٍ وليلة. { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } أي عطيةً فهي حالٌ منهما أو ولدٌ أو زيادةٌ على ما سأل وهو إسحاقُ فتختص بـيعقوبَ ولا لَبْس فيه للقرنية الظاهرةِ { وَكُلاًّ } أي كلُّ واحدٍ من هؤلاء الأربعة لا بعضُهم دون بعض { جَعَلْنَا صَـٰلِحِينَ } بأن وفقناهم للصلاح في الدين والدنيا فصاروا كاملين. { وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً } يقتدى بهم في أمور الدين إجابةً لدعائه عليه السلام بقوله:{ وَمِن ذُرّيَتِى } [البقرة: 124] { يَهْدُونَ } أي الأمة إلى الحق { بِأَمْرِنَا } لهم بذلك وإرسالِنا إياهم حتى صاروا مكملين { وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرٰتِ } ليحثوّهم عليه فيتم كما لهم بانضمام العملِ إلى العلم، وأصلُه أن تفعل الخيراتِ ثم فعل الخيرات وكذا قوله تعالى: { وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ } وهو من عطف الخاصِّ على العام دَلالةً على فضله وإنافتِه وحُذفت تاءُ الإقامة المعوّضة من إحدى الألفين لقيام المضاف إليه مَقامه { وَكَانُواْ لَنَا } خاصة دون غيرنا { عَـٰبِدِينَ } لا يخطر ببالهم غيرُ عبادتنا.