قوله تعالى: { واتل عليهم نبأ نوح } فيه دليل على نبوَّته، حيث أخبر عن قصص الأنبياء ولم يكن يقرأ الكتب، وتحريضٌ على الصبر، وموعظة لِقومه بذكر قوم نوح وما حلَّ بهم من العقوبة بالتكذيب. قوله تعالى: { إِن كان كَبُرَ } أي: عَظُم وشَقَّ { عليكم مقامي } أي: طول مكثي. وقرأ أبو مجلز، وأبو رجاء، وأبو الجوزاء «مُقامي» برفع الميم. { وتذكيري } وعظي. { فعلى الله توكلت } في نصرتي ودفع شركم عني. { فأجمعوا أمركم } قرأ الجمهور: «فأجمعوا» بالهمز وكسر الميم، من «أجمعتُ». وروى الأصمعي عن نافع: «فاجمعوا» بفتح الميم، مِن «جمعت». ومعنى «أجمعوا أمركم»: أحكِموا أمركم واعزموا عليه. قال المؤرِّج: «أجمعت الأمر» أفصح من «أجمعت عليه»، وأنشد:
يا ليتَ شِعري والمنى لا تنفَعُ
هل أَغْدُوَنْ يوماً وأَمري مُجْمَعُ
فأما رواية الأصمعي، فقال أبو علي: يجوز أن يكون معناها: اجمعوا ذوي الأمر منكم، أي: رؤساءكم. ويجوز أن يكون جعل الأمر ما كانوا يجمعونه من كيدهم الذي يكيدون به، فيكون كقوله:{ فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفاً } [طه: 64]. قوله تعالى: { وشركاءكم } قال الفراء وابن قتيبة: المعنى: وادعوا شركاءكم. وقال الزجاج: الواو هاهنا بمعنى «مع»، فالمعنى: مع شركائكم. تقول: لو تُركت الناقة وفصيلها لرضعها، أي: مع فصيلها وقرأ يعقوب «وشركاؤكم» بالرفع. قوله تعالى: { ثم لا يكن أمركم عليكم غُمّة } فيه قولان: أحدهما: لا يكن أمركم مكتوماً، قاله ابن عباس. والثاني: غماً عليكم، كما تقول: كرب وكربة، قاله ابن قتيبة. وذكر الزجاج القولين. وفي قوله: { ثم اقضوا إِليَّ } قولان: أحدهما: ثم أقضوا إِليَّ ما في أنفسكم، قاله مجاهد. والثاني: افعلوا ما تريدون، قاله الزجاج، وابن قتيبة. وقال ابن الأنباري: معناه: اقضوا إِليَّ بمكروهكم وما توعدونني به، كما تقول العرب: قد قضى فلان، يريدون: مات ومضى.