{ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا } يقول: وإنما الدنيا وما هم فيه متاع قليل ينقطع، متاع يستمتعون به ثم يذهب إذا فارقوا الدنيا { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ العَذَابَ الشَّدِيدَ } أي: عذاب جهنم { بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ }.
قوله: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ } أي: خبر نوح { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم } أي: عظم عليكم { مَّقَامِي } أي: بالدعاء إلى الله عزّ وجلّ { وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ } [أي: وأجمعوا شركاءكم].
وقال بعضهم: وليجمع أوثانكم أيضاً أمرهم. قال الحسن ومجاهد: ما في أنفسكم وكيدكم. والعامة على الوجه الأول: فأجمعوا أمركم وشركاءَكم، أي: واجمعوا شركاءَكم.
{ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً } أي: في ستر وشبهة، أي: ليكن ذلك علانية.
قال: { ثُمَّ اقْضُوا، إِلَيَّ } أي: اجهدوا عليَّ جهدَكم { وَلاَ تُنظِرُونِ } ، أي: طرفة عين. أي: إنكم لا تقدرون على ذلك. وذلك حين قالوا:{ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المَرْجُومِينَ } [الشعراء:116]. وهو كقوله:{ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ } [القمر:9] أي: ويهدد بالقتل.
{ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } أي: بكفركم { فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ }. أي: إِنْ ثَوابي إلاَّ عَلَى الله { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ } يقول: فما سألتكم على ما أدعوكم إليه من هذا الدين أجراً فيحملكم ذلك على ترك ما أدعوكم إليه. وقد قال الله لمحمد عليه السلام:{ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } [القلم:46] أي: فقد أثقلهم الغرمُ، فإنما يحملهم على ترك الهدى الأجرُ الذي تسألهم. أي: إنك لا تسألهم ذلك.