{ والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر } أي أحسنه وأحقره وهو خمس وسبعون سنة، وقيل: سبعون سنة { لكيلا يعلم بعد علم شيئاً } ليصير إلى حال يشبهه بحال الطفولية في النسيان وأن يعلم شيئاً شيئاً، ثم يسرع في نسيانه، فلا يعلم إن سئل عنه، وقيل: لئلا يعقل بعد عقله { والله فضَّل بعضكم على بعض في الرزق } فرزقهم أكثر مما رزق مماليكهم، وهم بشر مثلكم، وإخوانكم، فكان ينبغي أن تردوا فضل ما رزقتموه عليهم، حتى تساووْا في الملبس والمطعم، كما روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " هم اخوانكم فاكسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تطعمون " { أفبنعمة الله يجحدون } فجعل ذلك من جملة مجرد النعمة، وقيل: هو مثل ضربه الله للذين جعلوا له شركاء فقال لهم: ساوَوْن بينكم وبين عبيدكم فيما أنعمت به عليكم، ولاتجعلوا له فيه شرك، ولا ترضون ذلك لأنفسكم، فكيف رضيتم أن تجعلوا عبيدي لي شركاء، وقيل: المعنى أن الموالي والمماليك أنا رازقهم جميعاً { فهم فيه } في رزقي { سواء } فلا تحسب الموالي أنهم يردون على مماليكهم من عبيدهم شيئاً من الرزق فإنما ذلك رزقي أجريه اليهم على أيديهم { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة } جمع حافد وهوالذي يحفد أي يسرع في الطاعة والخدمة قيل: هم أولاد الأولاد، وقيل: أولاد المرأة من الزوج الأول، وقيل: هم الاختان وهم أزواج البنات، قوله تعالى: { ويعبدون من دون الله } يعني الأوثان { ما لا يملك لهم رزقاً } أي لا يقدر عليه { من السماوات والأرض شيئاً } يعني من السماء المطر ومن الأرض النبات والأشجار، وقيل: لا يزيد في رزقهم ولا ينقص { ولا يستطيعون } دفع ضرر عن أنفسهم فإذا كان هذا حاله فكيف تعبدوه وتتخذوه إلهاً؟ { فلا تضربوا لله الأمثال } أيظهر الحق فلا تجعلوا لله أشباه فإنه لا مثل له ولا شبيه { إن الله يعلم } ، قيل: وعيد لهم يعلم ما عليكم من المضرة في غيره { وأنتم لا تعلمون } ، وقيل: هو يعلم خطأ ما أنتم عليه.