{ ولا يحزنك قولهم } يعني المشركين في تكذيبهم، وقيل: فيما يتوعدونك من القتل والأذى فإن الله يعصمك { ان العزة لله جميعاً } أي القهر والغلبة فينتقم منهم { وهو السميع العليم } { وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء } يعني ما يتبعون في ذلك علماً ومعرفة ولكن قلدوا الآباء { إن يتبعون إلا الظن } يعني يتبعون الظن فيما يدينون دون الحقيقة، وهو قولهم: الأوثان آلهة فاتبعوا هذا الظن الكاذب، وقيل: ظنهم أنها تشفع لهم يوم القيامة ثم بيّن تعالى أنه لا حكم لهذا الظن بقوله: { وإن هم إلا يخرصون } أي يكذبون { هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه } يعني خلق الليل لسكونكم وراحتكم وليزول عنكم التعب { إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون } سماع تفهم وتدبّر { قالوا اتخذ الله ولداً سبحانه هو الغني } الآية نزلت في مشركي العرب الذين قالوا الملائكة بنات الله، وفي النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله { أتقولون على الله ما لا تعلمون } يعني أنهم قالوا ذلك بغير علم، ثم بيَّن لهم تعالى ما أوعدهم به فقال: { قل } يا محمد { إن الذين يفترون على الله الكذب } بإضافة الولد إليه { متاع في الدنيا } أي افتراؤهم هذا منفعة قليلة في الدنيا إلى قريب انقضاء أجلهم { ثم } بعد ذلك { إلينا مرجعهم } مصيرهم { ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون } قوله تعالى: { واتل عليهم } يا محمد، أي على مشركي قريش وأهل مكة { نبأ نوح } أي خبره { إذ قال لقومه } الذين بعث إليهم { يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي } أي شق وعظم عليكم مكثي بين أظهركم { وتذكيري } أي وعظي إياكم { فأجمعوا أمركم } أي اعزموا عليه وهو تهديدٌ { وشركاءكم } قيل: وادعوا شركاؤكم، وقيل: إجمعوا أمركم مع شركائكم { ثم لا يكن أمركم عليكم غمة } ، قيل: خفياً ملتبساً، وقيل: لا يكن أمركم عليكم غماً وحزناً في صدروكم بأن ترددوا فيه فيكون ذلك غماً في صدوركم { ثم اقضوا إلي ولا تنظرون } أي افرغوا في جميع حيلكم ثم اقصدوني، وقيل: أفيضوا ما في أنفسكم وهذا ليس بأمرٍ وإنما هو تعجيز، وقيل: هو تهديدٌ ووعيد { فإن توليتم فما سألتكم من أجرٍ } على أداء الرسالة { فنجيناه ومن معه في الفلك } أي السفينة، وقيل: كانوا ثمانين نفساً وهلك أهل الأرض جميعاً { وجعلناهم خلائف } أي مكان الأرض خلفاً عن الهالكين { وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا } يعني قوم نوح كذبوا بالحجج { فانظر } يا محمد أو أيها السامع فتفكر { كيف كان عاقبة المنذرين } { ثم بعثنا من بعده } يعني من بعد نوح { رسلاً إلى قومهم } يعني هوداً وصالحاً وإبراهيم وشعيباً { فجاؤوهم بالبينات } يعني بالحجج الواضحة { فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل } يريد أنهم كانوا قبل بعثة الرسل أهل جاهلية مكذبين بالحق فما وقع فصل بين حالتيهم بعد بعثة الرسل وقبلها كأن لم يبعث إليهم أحد { كذلك نطبع على قلوب المعتدين } قيل: المجاوزين للحدّ في العصيان، وقيل: المجاوزين في الحلال والحرام.