* تفسير الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم / تفسير الكازروني (ت 923هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد
لمّا بّيَن انتقامه من اعدائه، وهو إنعامه على أوليائه، حمد ذاته تعالى على الآية فقال: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ }: مُبْدع { ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ }: بلا سبق مثال { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً }: بينه وبين خلقه للوحي أو الإلهام أو الرؤيا أو لإيصال آثار صنعه { أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ }: متعددة { مَّثْنَىٰ }: اثنين اثنين، أي: ذا جناحين { وَثُلاَثَ }: ثلاثة ثلاثة { وَرُبَاعَ }: أربعة أربعة، قيل:الأوزان لتكرير تلك الأعداد، فيندفع قولهم صاحب الأجنحة الثلاثة لا يطير إذ الثالث فيها عون للجناحين { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ }: صورة ومعنى { مَا يَشَآءُ }: رأى عليه الصلاة والسلام جبريل في المعراج بسبعمائة جناح بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَّا يَفْتَحِ }: ما يرسل { ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ }: بعد إمساكه، أفاد يتخصيص تفسير الأول سبق رحمته { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ }: في أموره { ٱلْحَكِيمُ }: في فعله { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ }: ولا تنسوا { نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ }: لا موصوف بالخالقية { غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ }: فمِنْ أيّ وجهٍ { تُؤْفَكُونَ }: تصرفون عن التوحيد { وَإِن يُكَذِّبُوكَ }: فليس ببدع { فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ }: فاصبر كما صبروا { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }: فيجازي الكل { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا }: أي: لذاتها عن الآخرة { وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ }: بمغفرته، الشيطان { ٱلْغَرُورُ }: فتعصوه فإنه كأكل السم اعتمادا على دفع الطبيعة { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ }: عظيم { فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً }: بمخالفته { إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ }: أتباعه إلى الهوى { لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ }: فيشاركوه في منزله { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ * أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً }: أي: كمن وفق فرأى الباطل باطلا، دل عليه { فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ }: فلا تهلك { نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ }: على غيهم { حَسَرَاتٍ }: للحسرات عليه، أفهم بجمعها تضاعف اغتمامه المقتضية لها { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }: فيجازيهم { وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ }: تزعج { سَحَاباً }: وهذا حكاية عن الماضي { فَسُقْنَاهُ }: التفت كما مر { إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ }: الإحياء { ٱلنُّشُورُ }: وفي الحديث " ينزل من تحت العرش مَطرٌ يَعمُّ الأرض وينبت الأجساد من قبورها " { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ }:الشَّرف فليطلبه من الله تعالى بطاعته { فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً }: في الدارين { إِلَيْهِ }: بلا واسطةٍ { يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ }: التوحيد أو كل ذكر { وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }: الله تعالى، خصه به لما فيه من الكلفة، أو فاعلهُ الكلِمُ، أو العمل { وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ }: المكرات { ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ }: يفسد ولا ينفذ، ومضى في آية: