{ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } يعني عن أي شيء يتساءلون هؤلاء المشركين وذلك أنهم اختلفوا واختصموا في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به، { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } قال مجاهد هو القرآن. دليله قوله سبحانه{ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } [الآية] [ص: 67] وقال قتادة: هو البعث، { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } فمصدّق ومكذّب { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } وهذا وعيد لهم، وقال الضحاك كلاّ سيعلمون يعني الكافرين، ثم كلاّ سيعلمون يعني المؤمنين، وقراءة العامة بالياء فيهما، وقرأ الحسن ومالك بن دينار بالتاء فيهما. { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَاداً * وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } أصنافاً ذكوراً وإناثاً. { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } راحة لأبدانكم، والنائم مسبوت لا يعلم ولا يعقل كأنّه ميّت، { وَجَعَلْنَا ٱللَّيْلَ لِبَاساً } غطاء وغشاء يلبس كل شيء بسواده { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } سبباً لمعاشكم والتصرّف في مصالحكم فسمّاه به كقول الشاعر:
وأخو الهموم إذا الهموم تحضّرت
[جنح] الظلام وساده لا يرقدُ
فجعل الوسادة هي التي لا ترقد والمعنى لصاحب الوسادة. { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } مضيئاً منيراً وقّاداً حارّاً وهي الشمس. { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ } قال مجاهد ومقاتل وقتادة: يعني الرياح التي تعصر السحاب، وهي رواية العوفي عن ابن عباس ومجازه على هذا التأويل بالمعصرات { مِنَ } بمعنى الباء كقوله سبحانه:{ مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ } [القدر: 4-5] وكذلك كان عكرمة يقرأها " وَأَنزَلْنَا بالْمُعْصِرَاتِ " وروى الأعمش عن المنهال عن ابن عمرو وعن قيس بن سكن قال: قال عبد الله في قوله: { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً } قال: بعث الله سبحانه الريح فحمل الماء من الماء فتدرّ كما تدر اللقحة ثم يُبعث الماء كأمثال العزالي فتضرب به الرياح فينزل متفرّقاً. قال المؤرّخ: المعصرات: ذوات الأعاصير، وقال أبو العالية والربيع والضحاك: هي السحاب التي تجلب المطر ولم تمطر كالمرأة المعصر، وهي التي دنا حيضها، قال أبو النجم:
قد أعصرت أو قد دنا اعصارها.
وهذه رواية الوالي عن ابن عباس. قال المبرّد: المعصرات الفاطرات، وقال ابن كيسان: المغيثات من قوله{ يَعْصِرُونَ } [يوسف: 49] وقال أُبي بن كعب والحسن وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان: من المعصرات أي من السموات. { مَآءً ثَجَّاجاً } أي صباباً، وقال مجاهد: مدراراً، قتادة: متتابعاً يتلوا بعضه بعضاً، وقال ابن زيد: كثيراً. { لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً } مجتمعه ملتفة بعضه ببعض وواحدها ألفّ في قول [نحاة] البصّرة وليس بالقوى وفي قول الآخرين واحدها لِف ولفيف وقيل: هو جمع الجمع يقال: جنّة لفاً [وبنت] لف وجنان لف بضم اللام ثم تجمع اللف ألفافاً. { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً } لما وعد الله سبحانه { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } [....]، وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن منصور الكسائي قال: حدّثنا محمد بن عبد الجبار قال: أخبرنا محمد بن زهير عن محمد بن المهتدي عن حنظلة الدّوري عن أبيه عن [البزا] بن عازب قال: