الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ }

قوله: { بَرِقَ }: قرأ نافِع " بَرَقَ " بفتحِ الراء، والباقون بالكسرِ فقيل: لغتان في التحيُّرِ والدَّهْشة. وقيل: بَرِقَ بالكسر تَحَيَّر فَزِعاً. قال الزمخشري: " وأصلُه مِنْ بَرِقَ الرجلُ: إذا نَظَر إلى البَرْقِ فَدُهِشَ بَصَرُه ". قال غيرُه: كما يقال: أَسِدَ وبَقِرَ، إذا رأى أُسْداً وبَقَراً كثيرةً فتحيَّر من ذلك. قال ذو الرمَّة:
4407ـ ولو أنَّ لُقْمانَ الحكيمَ تَعَر‍َّضَتْ   لعينَيْهِ مَيٌّ سافِراً كاد يَبْرِقُ
وقال الأعشى:
4408ـ وكنتُ أَرَى في وجهِ مَيَّةَ لَمْحَةً   فأَبْرَقُ مغشِيَّاً عليَّ مكانيا
وأنشد الفراء:
4409ـ فنَفْسَك فانْعَ ولا تَنْعَني   وداوِ الكُلومَ ولا تَبْرَقِ
وبَرَق بالفتح مِن البريق أي: لَمَعَ من شدةِ شخوصه. وقرأ أبو السَّمَّال " بَلَقَ " باللام. قال أهلُ اللغة إلاَّ الفراء. معناه فَتَحَ. يقال: بَلَقْتُ البابَ وأَبْلَقْتُه أي: فتحتُه وفَرجْتُه. وقال الفراء: " بمعنى أَغْلَقْتُه ". قال ثعلب: " أخطأ الفراءُ في ذلك " ثم يجوز أَنْ يكونَ " بَلَقَ " غيرَ مادةِ بَرَقَ، ويجوزُ أَنْ يكونَ مادةً واحدةً، أُبْدِل فيها حرفٌ مِنْ آخرَ، وقد جاء إبدالُ اللامِ من الراءِ في أحرف، قالوا: نَثَرَ كِنانته ونَثَلَها. وقالوا: وَجِلَ ووَجِرَ، فيمكن أن يكونَ هذا منه، ويؤيِّدُه أَنَّ بَرَقَ قد أتى بمعنى: شَقَّ عيْنيْه وفَتَحَها، قاله أبو عبيدة. وأنشد:
4410ـ لَمَّا أتاني مِنْ عُمَيْرٍ راغباً   أَعْطَيْتُه عِيساً صِهاباً فبرَقْ
أي: ففتح عينيْه، فهذا مناسِبٌ لـ " بَلَقَ " في المعنى ".