قوله عز وجل: { وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } فيه وجهان: أحدهما: من شقوق. الثاني: من فتوق، قاله ابن عيسى إلا أن الملك تفتح له أبواب السماء عند العروج. قوله عز وجل: { وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا } أي بسطناها. { وَألْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } يعني الجبال الرواسي الثوابت، واحدها راسية قال الشاعر:
رسا أصله تحت الثرى وسما به
إلى النجم فرع لا ينال طويل
{ مِن كُلِّ زَوْجٍ } أي من كل نوع. { بَهِيجٍ } فيه وجهان: أحدهما: حسن، مأخوذ من البهجة وهي الحسن. الثاني: سارّ مأخوذ من قولهم قد أبهجني هذا الأمر أي سرني، لأن السرور يحدث في الوجه من الإسفار والحمرة ما يصير به حسناً. قال الشعبي: الناس نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم. قوله عز وجل: { تَبْصِرَةً } فيها ثلاثة أوجه: أحدها: يعني بصيرة للإنسان، قاله مجاهد. الثاني: نعماً بصر الله بها عباده، قاله قتادة. الثالث: يعني دلالة وبرهاناً. { وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن المنيب المخلص، قاله السدي. الثاني: أنه التائب إلى ربه، قاله قتادة. الثالث: أنه الراجع المتذكر، قاله ابن بحر. وقد عم الله بهذه التبصرة والذكرى وإن خص بالخطاب كل عبد منيب لانتفاعه بها واهتدائه إليها. قوله عز وجل: { وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مََآءً مُّبَارَكاً } يعني المطر، لأنه به يحيا النبات والحيوان. { فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ } فيها هنا وجهان: أحدهما: أنها البساتين، قاله الجمهور. الثاني: الشجر، قاله ابن بحر. { وَحَبَّ الْحَصِيدِ } يعني البر والشعير، وكل ما يحصد من الحبوب، إذا تكامل واستحصد سمي حصيداً، قال الأعشى:
لسنا كما إياد دارها
تكريث ينظر حبه أن يحصدا
قوله عز وجل: { وَالنَّخْلَ بِاسَقَاتٍ } فيها وجهان: أحدهما: أنها الطوال، قاله ابن عباس ومجاهد. قاله الشاعر:
يا ابن الذين بفضلهم
بسقت على قيس فزاره
أي طالت عليهم. (الثاني) أنها التي قد ثقلت من الحمل، قاله عكرمة. وقال الشاعر:
فلما تركنا الدار ظلت منيفة
بقران فيه الباسقات المواقر
{ نَضِيدٌ } أي منضود، فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن النضيد المتراكم المتراكب، قاله ابن عباس في رواية عكرمة عنه. الثاني: أنه المنظوم، وهذا يروى عن ابن عباس أيضاً. الثالث: أنه القائم المعتدل، قاله ابن الهاد. قوله عز وجل: { رِزْقاً لِلْعِبَادِ } يعني ما أنزله من السماء من ماء مبارك، وما أخرجه من الأرض بالماء من نبات وحب الحصيد وطلع نضيد. { وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مِّيتاً كَذِلكَ الْخُرُوجُ } جعل هذا كله دليلاً على البعث والنشور من وجهين: أحدهما: أن النشأة الأولى إذا خلقها من غير أصل كانت النشأة الثانية بإعادة ما له أصل أهون. الثاني: أنه لما شوهد من قدرته، إعادة ما مات من زرع ونبات كان إعادة من مات من العباد أولى للتكليف الموجب للجزاء.