وقوله سبحانه: { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ... } الآية، رُوِيَ في معنى هذه الآية أَنَّه لَمَّا نزلت:{ وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ } [الأحقاف:9] تَكَلَّمَ فيها أهل الكفر، وقالوا: كيف نَتَّبِعُ مَنْ لا يعرف ما يُفْعَلُ به وبالناس؟! فَبَيَّنَ اللَّه في هذه السورة ما يفعل به بقوله: { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } فَلَمَّا سمعها المؤمنون قالوا: هنيئاً لك يا رسول اللَّه، لقد بَيَّنَ اللَّه لك ما يفعل بك، فما يفعل بنا؟ فنزلت: { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ } إلى قوله: { مَصِيراً } فعرَّفه اللَّه ما يفعل به وبالمؤمنين وبالكافرين، وذكر النقاش أَنَّ رجلاً من «عَكَّ» قال: هذا الذي لرسول اللَّه، فما لنا؟ فقال النبيُّ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: " هِيَ لِي وَلامَّتِي كَهَاتَيْنِ، وَجَمَعَ بَيْنَ إصْبَعَيْهِ ". وقوله: { وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَـٰتِهِمْ } هو من ترتيب الجمل في السرد، لا ترتيب وقوع معانيها؛ لأَنَّ تكفير السيئات قبل إدخالهم الجنة. وقوله: { ٱلظَّانِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ } قيل: معناه: من قولهم:{ لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ } [الفتح:12] الآية، وقيل: هو كونهم يعتقدون اللَّه بغير صفاته العلى. وقوله: { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ ٱلسَّوْءِ } [أي: دائرة السوء] الذي أرادوه بكم في ظَنِّهم السوءَ، ويقال للأقدار والحوادث التي هي في طَيِّ الزمان: دائرة، لأَنَّها تدور بدوران الزمان.