التوراة: اسم عبراني، وقد تكلف النحاة في اشتقاقها وفي وزنها وذلك بعد تقرير النحاة أن الأسماء الأعجمية لا يدخلها اشتقاق، وأنها لا توزن، يعنون اشتقاقاً عربياً. فأمّا اشتقاق: التوراة، ففيه قولان: أحدهما: إنها من: ورى الزند يري، إذا قدح وظهر منه النار، فكأن التوراة ضياء من الضلال، وهذا الاشتقاق قول الجمهور. وذهب أبو فيد مؤرج السدوسي إلى أنها مشتقة من: ورَّى، كما روي " أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفراً ورى بغيره " ، لأن أكثر التوراة تلويح. وأما وزنها فذهب الخليل، وسيبويه، وسائر البصريين إلى أن وزنها: فوعلة، والتاء بدل من الواو، كما أبدلت في: تولج، فالأصل فيها ووزنه: وولج، لأنهما من ورى، ومن ولج. فهي: كحوقلة، وذهب الفراء إلى أن وزنها: تفعلة، كتوصية. ثم أبدلت كسرة العين فتحة والياء ألفا. كما قالوا في: ناصية، وجارية: ناصاه وجاراه. وقال الزجاج: كأنه يجيز في توصية توصاه، وهذا غير مسموع. وذهب بعض الكوفيين إلى أن وزنها: تفعلة، بفتح العين من: وريت بك زنادي، وتجوز إمالة التوراة. وقد قرىء بذلك على ما سيأتي ان شاء الله تعالى. الإِنجيل: اسم عبراني أيضاً، وينبغي أن لا يدخله اشتقاق، وأنه لا يوزن، وقد قالوا: وزنه فعيل. كإجفيل، وهو مشتق من النجل، وهو الماء الذي ينز من الأرض. قال الخليل: استنجلت الأرض نجالاً، وبها نجال، إذا خرج منها الماء. والنجل أيضاً: الولد والنسل، قاله الخليل، وغيره. ونجله أبوه أي: ولده. وحكى أبو القاسم الزجاجي في نوادره: أن الولد يقال له: نجل، وأن اللفظة من الأضداد، والنجل أيضاً: الرمي بالشيء. وقال الزجاج: الإنجيل مأخوذ من النجل، وهو الأصل، فهذا ينحو إلى ما حكاه الزجاجي. قال أبو الفتح: فهو من نجل إذا ظهر ولده، أو من ظهور الماء من الأرض، فهو مستخرج إما من اللوح المحفوظ، وإما من التوراة. وقيل: هو مشتق من التناجل، وهو التنازع، سمي بذلك لتنازع الناس فيه. وقال الزمخشري: التوراة والإنجيل اسمان أعجميان، وتكلف اشتقاقهما من الوري والنجل، ووزنهما متفعلة وإفعيل: إنما يصحح بعد كونهما عربيين. إنتهى. وكلامه صحيح، إلاَّ أن في كلامه استدراكاً في قوله: متفعلة، ولم يذكر مذهب البصريين في أن وزنها: فوعلة، ولم ينبه في: تفعلة، على أنها مكسورة العين، أو مفتوحتها. وقيل: هو مشتق من نجل العين، كأنه وسع فيه ما ضيق في التوراة. الإنتقام: افتعال من النقمة، وهو السطوة والانتصار. وقيل: هي المعاقبة على الذنب مبالغة في ذلك، ويقال: نقم ونقم إذا أنكر، وانتقم عاقب. صور: جعل له صورة. قيل: وهو بناء للمبالغة من صار يصور، إذا أمال، وثنى إلى حال، ولما كان التصوير إمالة إلى حال، وإثباتاً فيها، جاء بناؤه على المبالغة.