الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }

كان العرب في الجاهلية - من جبروتهم وقسوتهم، لا يورثون الضعفاء، كالنساء والصبيان، ويجعلون الميراث للرجال الأقوياء، لأنهم - بزعمهم - أهل الحرب والقتال، والنهب والسلب، فأراد الرب الرحيم الحكيم أن يشرع لعباده شرعاً، يستوي فيه رجالهم ونساؤهم، وأقوياؤهم وضعفاؤهم. وقدَّم بين يدي ذلك أمراً مجملاً لتتوطن على ذلك النفوس. فيأتي التفصيل بعد الإجمال، قد تشوفت له النفوس، وزالت الوحشة التي منشؤها العادات القبيحة، فقال: { لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ } أي: قسط وحصة { مِّمَّا تَرَكَ } أي: خلف { ٱلْوَالِدَانِ } أي: الأب والأم { وَٱلأَقْرَبُونَ } عموم بعد خصوص { وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ }. فكأنه قيل: هل ذلك النصيب راجع إلى العُرف والعادة، وأن يرضخوا لهم ما يشاؤون؟ أو شيئاً مقدراً؟ فقال تعالى: { نَصِيباً مَّفْرُوضاً }: أي: قد قدره العليم الحكيم. وسيأتي - إن شاء الله - تقدير ذلك. وأيضاً فهاهنا توهم آخر، لعل أحداً يتوهم أن النساء والولدان ليس لهم نصيب إلا من المال الكثير، فأزال ذلك بقوله: { مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ } فتبارك الله أحسن الحاكمين.