الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً }؛ أي وعدَ اللهُ أهلَ زمانِكم على الكفرِ والنِّفاق نارَ جهنَّم، كما وعدَ الذين من قبلِكم كانوا أشدَّ منكم قوَّةً في البَدَن وأكثرَ أموالاً وأولاداً، { فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ }؛ فانتفَعُوا بنصيبهم وحظِّهم في الدُّنيا، ولم ينفَعْهم ذلكَ حين نزلَ بهم عذاب الله، فكذلك أنتُم، والْخَلاَقُ هو النصيبُ من الخيرِ.

وقولهُ تعالى: { فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ }؛ أي فاستمتَعتُم أنتم بنصيبكم من الدُّنيا وخُضتم فيها، { وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ }؛ أي خُضتم في الكفرِ والاستهزاء بالمؤمنين كما خاضَ الأوَّلون.

وقولهُ تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ }؛ أي أهلُ هذه الصِّفة حَبطَتْ أعمالُهم التي عَمِلوها على جهةِ البرِّ مثلُ الإنفاقِ في وجُوهِ الخيرِ ومثلُ صِلَةِ الرَّحمِ حَبطَتْ، { فِي ٱلدنْيَا }؛ حتى لا يستحقُّوا بها الإكرامَ والتعظيمَ في الدُّنيا، وَحَبطَتْ في، { وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }؛ الذين خَسِروا أنفُسَهم وأهلِيهم يومَ القيامةِ، والْخُسْرَانُ هو ذهابُ رأسِ المال من دون أصلهِ.