قوله تعالى: { لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ } قيل: نزلت في شأن زيد وزينب بنت جحش، وما سمع فيه من قالة بعض الناس. والأشبه على هذا القول: أن يراد بأذى موسى: ما جرى له من حديث المُومِسَة التي حملها قارون على قذفه بنفسها، وقد ذكرته في القصص. وقال أبو وائل: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً، فقال رجل من الأنصار: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فغضب وقال: رحم الله موسى، لقد أوذي أكثر من هذا فصبر. وقيل: أذى موسى: ما اتهموه من قتل [هارون]، وقد ذكرناه في المائدة. قاله علي عليه السلام. وقيل: هو ما أخبرنا أبو القاسم وأبو الحسن البغداديان قالا: حدثنا أبو الوقت عبد الأول، أخبرنا عبدالرحمن، أخبرنا عبدالله، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا إسحاق بن [نصر]، حدثنا عبدالرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر. فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر، ففرّ الحجر بثوبه، فجمح موسى في أثره يقول: ثوبي يا حجر، ثوبي يا حجر، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى، وقالوا: والله ما بموسى من بأس، وأخذ ثوبه وطفق بالحجر ضرباً. قال أبو هريرة: والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة " أخرجه مسلم أيضاً عن محمد بن رافع عن عبدالرزاق. وفي رواية أخرى للبخاري: " فذلك قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ... } الآية ". والآدر: العظيم الخصيتين. قوله تعالى: { وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } يقال: وَجُهَ الرجُلُ يُوجَهُ وَجَاهةً فهو وجيه؛ إذا كان ذا جَاهٍ وقَدْر. قال ابن عباس: كان عند الله حظياً لا يسأله شيئاً إلا أعطاه. وقال الحسن: كان مستجاب الدعوة. وقرأ ابن مسعود والأعمش: " وكان عبداً لله وجيهاً ". قال ابن خالويه: صليتُ خلف ابن [شنبوذ] في شهر رمضان فسمعته قرأها. وقراءة العامة أوجه؛ لأنها مفصحة عن [وجاهته] عند الله، لقوله تعالى:{ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } [التكوير: 20] وهذه ليست كذلك.