قوله تعالى: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ } سبب نزولها: قول الوليد بن المغيرة:{ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزخرف: 31] يريد: نفسه بمكة، أو عروة بن مسعود بالطائف. فأخبر الله تعالى أنه هو الذي يختار من خلقه ما يشاء. ثم نفى أن تكون الخيرة لغيره فقال: { مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ } حتى يختاروا الوليد أو عروة. وقيل: " ما " موصولة، والراجع إلى الموصول محذوف، على معنى: ويختار الذي لهم فيه الخيرة، فإنه أعلم بهم وبمصالحهم. قال الزمخشري: الخِيَرَة من التَّخَيُّر، كالطِّيَرَة من التَّطَيُّر: تُستعمل بمعنى المصدر، وهو التخير بمعنى المتخير، كقولهم: محمد خِيرَة الله تعالى من خلقه. قوله تعالى: { وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ } أي: ما تُخفيه وتُضمره من عداوة رسول الله وحسده { وَمَا يُعْلِنُونَ } بألسنتهم من الطعن عليه والقَدْح في رسالته. { وَهُوَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي: هو المستأثر بالإلهية، و { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } تقرير لذلك. { لَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلأُولَىٰ وَٱلآخِرَةِ } لا يستحقه غيره على الحقيقة، { وَلَهُ ٱلْحُكْمُ } الفصل بين عباده. قال ابن عباس: حَكَمَ لأهل طاعته بالمغفرة، ولأهل معصيته بالشقاء والويل.