قوله تعالى: { أَبِٱللَّهِ }: متعلقٌ بقوله: " تستهزئون " و " تستهزئون " خبرُ كان. وفيه دليلٌ على تقديم خبر كان عليها، لأنَّ تقديمَ المعمول يُؤْذِن بتقديم العامل، وقد تقدم معمول الخبر على " كان " فَلْيَجُزْ تقديمُه بطريق الأولى. وفيه بحث: وذلك أن ابنَ مالك قَدَح في هذا الدليلِ بقوله تعالىٰ:{ فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ } [الضحى: 9-10] قال: " فاليتيم والسائل قد تَقَدَّما على " لا " الناهية والعاملُ فيهما ما بعدها، ولا يجوز تقديم ما بعد " لا " الناهية عليها لكونه مجزوماً بها، فقد تقدَّم المعمولُ حيث لا يتقدَّم العامل. ذكر ذلك عند استدلالهم على جواز تقديم خبر ليس بقوله:{ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ } [هود: 8]. والاعتذار: التنصُّل مِنَ الذنب وأصله مِنْ تعذَّرت المنازل أي: دُرِسَت وامَّحىٰ أثرها، قال ابن أحمر:
2512 ـ قد كنتَ تعرف آياتٍ فقد جعلَتْ
أطلالُ إلفِك بالوَعْساء تعتذِرُ
فالمعتذر يزاول محو ذنبه. وقيل: أصله من العَذْر وهو القطع، ومنه العُذْرة لأنها تُقْطع بالافتراع. قال ابن الأعرابي: " يقولون: اعتذرت [المياه أي: انقطعت، وكأن المعتذر يحاول] قطع الذمّ عنه.