{ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } أي ذلك الوصف الذي وصف الله به هو بسبب أنه الحق { فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً } تصبح هنا بمعنى تصير، وفهم بعضهم أنه أراد صبيحة ليلة المطر، فقال: لا تصبح الأرض مخضرة إلا بمكة، والبلاد الحارة، وأما على معنى تصير، فذلك عام في كل بلد، والفاء للعطف، وليست بجواب، ولو كانت جواباً لقوله: { أَلَمْ تَرَ } لنصبت الفعل، وكان المعنى نفي خضرتها وذلك خلاف المقصود، وإنما قال { تُصْبِحُ } بلفظ المضارعة ليفيد بقاءها كذلك مدة { سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلأَرْضِ } يعني البهائم والثمار والمعادن وغير ذلك { أَن تَقَعَ } في موضع مفعول على تقدير عن أن تقع، وقال الزمخشري: كراهة أن تقع فهو مفعول من أجله { إِلاَّ بِإِذْنِهِ } يحتمل أن يريد يوم القيامة، فجعل طي السماء كوقوعها أو يريد بإذنه لو شاء متى شاء { ۤ أَحْيَاكُمْ } أي أوجدكم بعد العدم، وعبّر عن ذلك بالحياة؛ لأن الإنسان قبل ذلك تراب فهو جماد بلا روح، ثم أحياه بنفخ الروح { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } يعني الموت المعروف { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } يعني البعث { لَكَفُورٌ } أي جحود للنعمة { مَنسَكاً } هو اسم مصدر لقوله: { نَاسِكُوهُ } ولو كان اسم مكان لقال ناسكون فيه { فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ } ضمير الفاعل للكفار، والمعنى: أنه لا ينبغي منازعة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الحق قد ظهر بحيث لا يسع النزاع فيه، فجاء الفعل بلفظ النهي والمراد غير النهي، وقيل: إن المعنى لا تنازعهم فينازعوك، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، ويحتمل أن يكون نهياً لهم عن المنازعة على ظاهر اللفظ { فِي ٱلأَمْرِ } أي في الدين الشريعة أو في الذبائح { وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ } أي ادع الناس إلى عبادة ربك.