قوله تعالى: { يحذر المنافقون } في سبب نزولها ثلاثة أقوال. أحدها: أن المنافقين كانوا يعيبون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بينهم، ويقولون: عسى الله أن لا يفشي سرَّنا، فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد. والثاني: أن بعض المنافقين قال: لوددت أني جُلدت مائة جلدة، ولا ينزل فينا شيء يفضحنا، فنزلت هذه الآية، قاله السدي. والثالث: أن جماعة من المنافقين وقفوا للنبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة عند مرجعه من تبوك ليفتكوا به، فأخبره جبريل عليه السلام، ونزلت هذه الآية، قاله ابن كيسان. وفي قوله: { يحذر المنافقون } قولان. أحدهما: أنه إخبار من الله عز وجل عن حالهم، قاله الحسن، وقتادة، واختاره ابن القاسم. والثاني: أنه أمر من الله عز وجل لهم بالحذر، فتقديره: ليحذر المنافقون، قاله الزجاج: قال ابن الأنباري: والعرب ربما أخرجت الأمر على لفظ الخبر، فيقولون: يرحم الله المؤمن، ويعذب الكافر؛ يريدون: ليرحم وليعذب، فيسقطون اللام، ويُجْرُونَه مجرى الخبر في الرفع، وهم لا ينوون إلا الدعاء؛ والدعاء مضارع للأمر. قوله تعالى: { قل استهزؤوا } هذا وعيد خرج مخرج الأمر تهديداً. وفي قوله: { إن الله مخرج ما تحذرون } وجهان. أحدهما: مظهر ما تُسِرُّون. والثاني: ناصر مَنْ تخذلون، ذكرهما الماوردي.