قوله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ } - إلى قوله تعالى - { فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } [51- 71] 7155/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول إبراهيم لقومه و أبيه فقال: { وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ } إلى قوله تعالى { بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ }. قال: فلما نهاهم إبراهيم (عليه السلام)، و احتج عليهم في عبادتهم الأصنام فلم ينتهوا، فحضر عيد لهم، فخرج نمرود، و جميع أهل مملكته إلى عيدهم، و كره أن يخرج معه إبراهيم، فوكله ببيت الأصنام فلما ذهبوا، عمد إبراهيم إلى طعام فأدخله بيت الأصنام، فكان يدنو من صنم صنم، و يقول له: كل، و تكلم فإذا لم يجبه أخذ القدوم فكسر يده و رجله، حتى فعل ذلك بجميع الأصنام، ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم، الذي كان في الصدر. فلما رجع الملك و من معه من العيد نظروا إلى الأصنام مكسرة، فقالوا: { مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ * قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } ، و هو ابن آزر، فجاءوا به إلى نمرود، فقال نمرود لآزر خنتني، و كتمت هذا الولد عني؟ فقال: أيها الملك، هذا عمل امه، و ذكرت أنها تقوم بحجته. فدعا نمرود ام إبراهيم، فقال لها: ما حملك على أن كتمتني أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل؟ فقالت: أيها الملك، نظرا مني لرعيتك. قال: و كيف ذلك؟ قالت: رأيتك تقتل أولاد رعيتك، فكان يذهب النسل، فقلت: إن كان هذا الذي يطلبه دفعته إليه ليقتله، و يكف عن قتل أولاد الناس، و إن لم يكن ذلك بقي لنا ولدنا، و قد ظفرت به، فشأنك، و كف عن أولاد الناس، فصوب رأيها، ثم قال لإبراهيم (عليه السلام): { مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ } يا إبراهيم؟ قال (عليه السلام): { فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ }. قال الصادق (عليه السلام): " و الله ما فعله كبيرهم، و ما كذب إبراهيم (عليه السلام) فقيل له: كيف ذلك؟ فقال: " إنما قال: فعله كبيرهم هذا إن نطق، و إن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا ". فاستشار نمرود قومه في إبراهيم (عليه السلام)، فقالوا له { حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } فقال الصادق (عليه السلام): " كان فرعون إبراهيم و أصحابه لغير رشدة، فإنهم قالوا لنمرود: { حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } وكان فرعون موسى و أصحابه لرشدة، فإنه لما استشار أصحابه في موسى قالوا:{ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ } [الشعراء: 36-37] ". فحبس إبراهيم (عليه السلام)، و جمع له الحطب، حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم (عليه السلام) في النار.