قوله تعالى: { تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً } قال ابن عباس: يريد: بروج النجوم، يعني: منازلها الاثني عشر. وقد ذكرناها في الحِجْر. وقال الحسن ومجاهد: هي النجوم الكبار. وسميت بالبروج التي هي القصور العالية؛ لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسُكَّانِها، واشتقاق البرج من التبرُّج، وهو الظهور. { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً } يعني: الشمس. وقرأ حمزة والكسائي: " سُرُجاً " بضم السين والراء من غير ألف، وهي قراءة أصحاب ابن مسعود. قال الزجاج: أراد الشمس والكواكب العِظَام. قال الماوردي: لما اقترن بضوء الشمس وَهْجُ حرّها جعلها لأجل الحرارة سراجاً، ولما عُدم ذلك في القمر جعله نوراً فقال: { وَقَمَراً مُّنِيراً }. قوله تعالى: { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً } هو فِعْلَة، من المخالفة، أي: كل واحد منهما يخالف الآخر في اللون، فهذا أبيض وهذا أسود. وهذا قول ابن عباس وقتادة. وقال مجاهد - في رواية عنه - وأهل اللغة: المعنى: أن أحدهما يخالف صاحبه، ومنه:{ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } [البقرة: 164]. وأنشدوا قول زهير:
بها العينُ والآرامُ يمشينَ خِلْفَةً
وأطلاؤُها ينهضنَ منْ كُلِّ مَجْثَمِ
{ لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ }: يعتبر ويتَّعِظ. وقرأ حمزة: " يَذْكُرَ " بالتخفيف، من الذِّكْر. { أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } قال الحسن رحمه الله: من فاته عمله من التذكّر والشكر بالنهار كان له في الليل مُسْتَعْتَبٌ، ومن فاته بالليل كان له في النهار مُسْتَعْتَبٌ.