{ وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ } من أرض كنعان، { فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ } ، أي على يوسف بمصر، { فَعَرَفَهُمْ } يوسف، { وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } [آية: 58]، يقول: وهم لا يعرفون يوسف، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن بنو يعقوب، نحن من أهل كنعان، قال: كم أنتم؟ قالوا: نحن أحد عشر، قال: ما لي لا أرى الأحد عشر؟ قالوا: واحد منا عند أبينا، قال: ولم ذلك؟ قالوا: إن أخاه لأمه أكله الذئب، فلذلك تركناه عند أبينا، فهو يستريح. { وَلَمَّا جَهَّزَهُم } يوسف { بِجَهَازِهِمْ } ، يعني في أمر الطعام، { قَالَ ٱئْتُونِي بِأَخٍ لَّكُمْ مِّنْ أَبِيكُمْ } ، يعني بنيامين، وكان أخاهم من أبيهم، وكان أخا يوسف لأبيه وأمه، { أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيۤ أُوفِي } ، يعني أوفي لكم { ٱلْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ ٱلْمُنْزِلِينَ } [آية: 59]، وأنا أفضل من يضيف بمصر. { فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ } ، يعني فلا بيع لكم { عِندِي } من الطعام، { وَلاَ تَقْرَبُونِ } [آية: 60] بلادي. { قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ } يعقوب، { وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } [آية: 61] ذلك بأبيه. { وَقَالَ } يوسف { لِفِتْيَانِهِ } ، يعني لخدامه وهم يكيلون لهم الطعام، { ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ } ، يعني دراهمهم { فِي رِحَالِهِمْ } ، يعني في أوعيتهم، { لَعَلَّهُمْ } ، يعني لكي { يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ } ، يعني لكي { يَرْجِعُونَ } [آية: 62] إلينا فلا يحبسهم عنا حبس الدراهم إذا ردت إليهم؛ لأنهم كانوا أهل ماشية. { فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ } ، يعني منع كيل الطعام، فيه إضمار فيما يستأنف، { فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا } بنيامين { نَكْتَلْ } الطعام بثمن، { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [آية: 63] من الضيعة. { قَالَ } أبوهم: { هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ } في قراءة ابن مسعود: هل تحفظونه إلا كما حفظتم أخاه يوسف من قبل بنيامين، { فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً } ، يعني فالله خير حافظاً منكم، { وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [آية: 64]، يعني أفضل الراحمين. { وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ } ، يعني حلوا أوعيتهم، { وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ } ، يعني دراهمهم، فيها إضمار، { رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي } بعد { هَـٰذِهِ } إضمار فإنهم قد ردوا علينا الدراهم، هذه { بِضَاعَتُنَا } ، يعني دراهمنا { رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا } الطعام، { وَنَحْفَظُ أَخَانَا } بنيامين من الضيعة، { وَنَزْدَادُ } من أجله { كَيْلَ بَعِيرٍ } ، وكان أهل مصر يبيعون الطعام على عدة الرجال، ولا يبيعون على عدة الدواب، وكان الطعام عزيزاً، فذلك قوله: { كَيْلَ بَعِيرٍ } من أجله، { ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } [آية: 65] سريع لا حبس فيه. { قَالَ } أبوهم: { لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ } ، يعني تعطونى عهداً من الله، { لَتَأْتُنَّنِي بِهِ } ، يعني بنيامين ولا تضيعوه كما ضيعتم أخاه يوسف، { إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } ، يعني يحيط بكم الهلاك فتهلكوا جميعاً، { فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ } ، يعني عهدهم، { قَالَ } يعقوب: { ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } [آية: 66]، يعني شهيداً بيني وبينكم، نظيرها في القصص: