الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ }

هذا على صورة جواب لقوله مم خلق وهذا أولى من أن يقدر استفهام كأَنه قيل مم خلق فقال من ماءِ دافق والماءِ النطفة وأصله دم ينفصل وفيه بقية حياة ثم يموت ألا ترى أنه يتحرك للخروج ويخرج مشتداً لا كخروج البول وخروج البول كخروج ماء من أنبوبة الإبريق وليست النطفة كذلك فلو أخرج من الفرج ذكره حين شارف الإنزال وشد بيده على أعلى ذكره لتردد فى داخل ذكره طلوعاً ونزولاً حتى يبرد ويموت والميت لا يتحرك والدفق الصب بسرعة وشهر أن دافق بمعنى مدفوق ويدل له قراءَة زيد بن على بن أبى طالب من ماءِ مدفوق ولعل ذلك منه قراءَة تفسير لا قراءَة تلاوة وقال الخليل وسيبويه هو للنسب كتامر ولابن أى ماءَ صاحب دفق له من غيره أى يدفقه الإنسان أى يجرى منه كما تقول فلان ضارب بمعنى أنه ذو ضرب أى انتسب له الضرب من غيره ويبحث بأن فاعلاً بمعنى النسب يختص بما ليس مفعولاً كتامر ولابن أى ذى تمر وذى لبن مما لا فعل له أوله فعل لازم ويجوز أن يكون على ظاهره بمعنى فاعل على التجوز فى الإسناد أسند إليه الدفق لأنه لصاحبه لعلاقة السببية والمسببية أو شبه الماءِ بالإِنسان ورمز إليه بلازمه وهو الدفق ويجوز أن يشبه مزاحمة بعض الماء لبعض بالصب كأَنه يصب بعض بعضاً كما يقال تدفق الوادى أى يركب ماءَه بعضه بعضاً ويدفقه فهو اسم فاعل متعد وقال الليث دافق من دفق اللازم بمعنى مندفق لا كما قيل الدفق لماء الرجل خاصة فهو اسم فاعل على ظاهره إلا أنه لم يحفظ الناس دفق بمعنى اندفق والمراد بالماءِ الدافق جنسه فشمل ماء الرجل وماء المرأة لأن ماءَها أيضاً يدفق إلى رحمها وهما بالامتزاج ماء واحد والإنسان غير عيسى عليه السلام يخلق من ماءَين ماء الرجل وماء المرأة.