{ خلق السماوات والأرض بالحق } يعني إقامة الحق وعبادة الله والدلالة على وحدانيته { يكور الليل } التكوير اللف، وقد يقال: كان العمامة على رأسه وكورها، وقيل: يدخل أحدهما في الآخر بالزيادة والنقصان، أو يأتي أحدهما خلف الآخر { وسخّر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى } قيل: هو قيام الساعة، وقيل: هو المطلع والمغرب لكل واحد منهما وقت معلوم في الشتاء والصيف { ألا هو العزيز الغفار } مع قدرته على أخذكم لا يؤاخذكم ويغفر لكم إن تبتم { خلقكم } يا بني آدم { من نفس واحدة } وهو آدم لأنه أب البشر { ثم جعل منها زوجها } خلقها من ضلع من أضلاعه، وقيل: من بقية طينته { وأنزل لكم من الأنعام } ، قيل: خلقها في الجنة ثم أنزلها { ثمانية أزواج } ذكراً وأنثى من الابل والبقر والضأن والمعز، والزوج اسم لواحد معه آخر قال تعالى:{ فجعل منه الزوجين } [القيامة: 39]، وقيل: أعطاكم الأنعام بأن خلقها لكم، والإِعطاء بلفظ الإِنزال { يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق } حيواناً سويَّاً من بعد عظاماً مكسوة لحماً من بعد عظام عارية، من بعد مضغ من بعد علق من بعد نطف { في ظلمات ثلاث } البطن والرحم والمشيَّة، وقيل: الصلب والرحم والبطن { ذلكم الله } الذي هذه أفعاله هو الله { ربكم } { لا إله إلاَّ هو فأنَّى تصرفون } فكيف يعدل بكم عن عبادته إلى عبادة غيره { إن تكفروا فإن الله غني عنكم } وعن إيمانكم وإنكم المحتاجون إليه { ولا يرضى لعباده الكفر } رحمة لهم لأنه لا يوقعهم في الهلكة { وإن تشكروا يرضه لكم } أي يرضى لكم الشكر لأنه فلاحكم { ولا تزر وازرة وزر أخرى } أي لا يؤاخذ أحد بذنب آخر { ثم إلى ربكم مرجعكم } مصيركم { فينبئكم } يخبركم { بما كنتم تعملون } { انه عليم بذات الصدور } ثم بيَّن تعالى حال العصاة فقال سبحانه: { وإذا مسَّ الإِنسان ضرّ } أي ما يضره من المحن والشدائد في نفسه مخلصاً راجعاً اليه مستغيثاً به { ثمّ إذا خوّله } أعطاه نعمة منه { نسي ما كان يدعو إليه } أي نسي الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه، وقيل: نسي ربه الذي كان يتضرع إليه ويبتهل إليه { من قبل } يعني نسي في حال الرخاء ما كان يدعو في حال الضر والشدة { وجعل لله أنداداً } أي أشباهاً قيل: هي الأوثان { ليضل عن سبيله } عن طريق الجنة، وقيل: يريد به إضلال الناس، وقيل: يضل عن طريق الجنة واللام للعاقبة، أي عاقبته أن يضل { قل } يا محمد لهؤلاء الكفار { تمتع بكفرك قليلاً } مدتكم في الدنيا ثم تموتون وتزول نعمتكم { إنك } إذ متّ كنت { من أصحاب النار } تعذب فيها دائماً.