الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

قوله: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ } الآية.

قوله { وَأَرْجُلَكُمْ }: من خفض.

(فهو) عند الأخفش وأبي عبيدة على الجوار، والمعنى للغسل، شبه الأخفش بقولهم " هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ " ، وهذا قول مردود، لأن الجوار لا يقاس عليه، إنما يسمع ما جاء منه ولا يقاس عليه.

وأيضاً فإن الأرجل معها حرف العطف، ولا يكون الإتباع مع حرف العطف.

وقيل: إنه إنما خفض لاشتراك الغسل والمسح في باب الوضوء، كما قالوَحُورٌ عِينٌ } [الواقعة: 22] فخفض وعطفه على الفاكهة التي يطاف بها، وهذا مما لا يطاف به، ولكن عطفه عليه لاشتراكهما في التنعم بهما، وكما قال الشاعر:
شرّابُ أَلْبَانٍ وتَمْرٍ وأَقطٍ   
فعطف التمر والأقط على ما يشرب، وليس يشربان، ولكن فعل ذلك لاشتراكهما في التغدي بهما، ومثله قوله:
ورأيتُ زوجَكِ قد غدا   مُتَقَلِّداً سيفاً ورُمحاً
فعطف الرمح على / السيف وليس الرمح مما يتقلد به، ولكن عطفه عليه لاشتراكهما في الحمل وفي أنهما سلاح، ومثله:
عَلَفتُها تِبْناً وماءً بارداً   
فعطف الماء على التّبن وليس مما يوصف بالعلف، ولكن فعل ذلك لاشتراكهما في أنهما غذاء لها. ومثله قوله:
وزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ والْعُيونا   
فعطف العيون على الحواجب وليست مما يُزَجَّجَ إنما تكحّل، ولكن عطفه عليه لاشتراكهما في التزيّن بهما، فكذلك يحمل الغسل على المسح لاشتراكهما في باب الوضوء.

وتقدير ما ذكرنا - عند النحويين - على حذف فعل فيه (كله) على قدر معانيه، كأنه قال [وأكّالِ تَمْرٍ]، (وحامِلاً رُمْحاً)، (وَسَقيْتُها ماءً)، (وكَحَّلنَ الْعُيُونَ) ونحو ذلك من التقدير.

وقال علي بن سليمان تقديره: وأرجِلكم غسلاً.

وقيل: المسح - في كلام العرب - يكون بمعنى الغسل يقال: تمسحت للصلاة أي: توضأت لها فاحتمل المسح للأرجل أن يكون بمعنى الغسل وبغير معنى الغسل، فبيّنت السنّة أن المسح للرؤوس بغير معنى الغسل، وأن المسح للأرجل بمعنى الغسل.

وقال قوم من العلماء - منهم الشعبي -: من قرأ بالخفض [فقراءته] منسوخة بالسنة.

واستدل من قال: أن معنى الخفض النصب، بقوله { إِلَى ٱلْكَعْبَينِ } ، فحدد كما حدد اليدين إلى المرفقين، ولما كانت اليدان مغسولتين بالإجماع وجب أن تكون الرجلان كذلك لاشتراكهما في التحديد.

وقال ابن عباس: [قراءة] النصب ناسخة للمسح على الخفين وهو مذهب عائشة وأبي هريرة. قال ابن عباس: ما مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين بعد نزول المائدة. وقد أجاز المسح على الخفين جماعة من الصحابة ورووه عن النبي عليه السلام أنه مسح بعد (نزول) المائدة، ومن أوجب شيئاً أولى بالقبول ممن نفى، وعليه جماعة الفقهاء، وهو قول علي وسعد وبلال و (عمرو بن) أمية وحذيفة وبريدة وغيرهم.

وهذه الآية ناسخة لقوله:لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ }

السابقالتالي
2 3