قوله عز وجل: { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } فيه وجهان: أحدهما: ما يماري فيها، قاله السدي. الثاني: ما يجحد بها، قاله يحيى بن سلام. وفي الفرق بين المجادلة والمناظرة وجهان: أحدهما: ان المجادلة لا تكون إلا بين مبطلين أو مبطل ومحق، والمناظرة بين محقين. الثاني: أن المجادلة فتل الشخص عن مذهبه محقاً أو مبطلاً، والمناظرة التوصل إلى الحق في أي من الجهتين كان. وقيل إنه أراد بذلك الحارث بن قيس السهمي وكان أحد المستهزئين. { فلا يغررك تقلبهم في البلاد } قال قتادة: إقبالهم وإدبارهم وتقلبهم في أسفارهم، وفيه وجهان: أحدهما: لا يغررك تقلبهم في الدنيا بغير عذاب، قاله يحيى. الثاني: لا يغررك تقلبهم في السعة والنعمة قاله مقاتل وقيل إن المسلمين قالوا نحن في جهد والكفار في السعة، فنزل { فلا يغررك تقلبهم في البلاد } حكاه النقاش وفيه حذف تقديره: فلا يغررك تقلبهم في البلاد سالمين فسيؤخذون. قولة عز وجل: { وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه } فيه وجهان: أحدهما: ليحبسوه ويعذبوه، حكاه ابن قتيبة. الثاني: ليقتلوه، قاله قتادة والسدي. والعرب تقول: الأسير الأخيذ لأنه مأسور للقتل، وأنشد قطرب قول الشاعر:
فإما تأخذوني تقتلوني
ومن يأخذ فليس إلى خلود
وفي وقت أخذهم لرسولهم قولان: أحدهما: عند دعائه لهم. الثاني: عند نزول العذاب بهم. { وجادلوا بالباطل ليُدْحضوا به الحقَّ } قال يحيى بن سلام: جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان. { فأخذتهم } قال السدي: فعذبتهم. { فكيف كان عقاب } في هذا السؤال وجهان: أحدهما: أنه سؤال عن صدق العقاب، قال مقاتل وجدوه حقاً. الثاني: عن صفته، قال قتادة: شديد والله. قوله عز وجل: { وكذلك حقت كلمة ربِّك على الذين كفروا } أي كما حقت على أولئك حقت على هؤلاء. وفي تأويلها وجهان: أحدهما: وكذلك وجب عذاب ربك. الثاني: وكذلك صدق وعد ربك. { أنهم أصحاب النار } جعلهم أصحابها لأنهم يلزمونها وتلزمهم.