{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } يعني وآيات قرآن. { رُّبَمَا يَوَدُّ }. قرأ عاصم وأهل المدينة: بتخفيف الباء. وقرأ الباقون: بتشديده، وهما لغتان. قال أبو حاتم وأهل الحجاز: يخففون ربما. وقيس وبكر وتميم: يثقلّونها وإنما أُدخل ما على رُب ليتكلم بالفعل بعدها. { يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ }. روى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إ ذا كان يوم القيامة واجتمع أهل النار في النار ومعهم من يشاء الله من أهل القبلة. قال الكفار لمن في النار من أهل القبلة: ألستم مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم شيئاً؟ وقد صرتم معنا في النار. قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فغضب الله لهم بفضل رحمته فأمر بكل من كان من أهل القبلة في النار يخرجون منها فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية. وروى مجاهد عن ابن عباس قال: ما يزال الله يدخل الجنة ويرحم ويشفع حتى يقول لمن كان من المسلمين: ادخلوا الجنة فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين { ذَرْهُمْ } يا محمد يعني الذين كفروا { يَأْكُلُواْ } في الدنيا { وَيَتَمَتَّعُواْ } من لذاتها { وَيُلْهِهِمُ } ويشغلهم { ٱلأَمَلُ } عن الأخذ بحظهم من الإيمان والطاعة { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } بما وردوا القيامة ونالوا وبال ما صنعوا فنسختها آية القتال { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ } أي من أهل قرية { إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ } أجل مؤقت قد كتبناها لهم لا يعذبهم ولا يهلكهم حتى يلقوه { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ } من ملة { أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } ونظيرها{ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [الأعراف: 34] { وَقَالُواْ } يعني مشركي مكة { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ } يعني القرآن وهو محمد صلى الله عليه وسلم { إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَّوْ مَا } هلاّ { تَأْتِينَا بِٱلْمَلائِكَةِ } شاهدين لك على صدق ما تقول { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ }. قال الكسائي: لولا ولوما سواء في الخبر والاستفهام. ومنه قول ابن مقبل:
لوما الحياء ولوما الدين عبتكما
ببعض مافيكما إذ عبتما عودي
يريد لولا الحياء { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ }. قرأ أهل الكوفة: ننزل الملائكة بضم النون ورفع اللام، الملائكة نصباً، واختاره أبو عبيد. وقرأ الباقون: بفتح التاء ورفع اللام في الملائكة رفعها، واختاره أبو عبيد اعتباراً بقوله{ تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ } [القدر: 4]. { إِلاَّ بِٱلحَقِّ } بالعذاب ولو نزلت { وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ * إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ } القرآن { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } من الباطل ومن الشياطين وغيرهم أن يزيدوا فيه وينقصوا منه ويبدلوا حرفاً، نظيره قوله:{ لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } [فصلت: 42] الآية. وقيل بأن الهاء في قوله له راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم يعني وإنا لمحمد لحافظون ممن أراده بسوء نظيره