قوله: { وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ } أي: تموت بغير عذاب { أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً } أي: يكون موتهم بالعذاب. قال بعضهم: قضى الله إما أن يُهلكوا بموت أو بعذاب إذا تركوا أمرَه وكذبوا رسلَه، يعني إهلاك الأمم بتكذيبها الرسل. { كَانَ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ مَسْطُوراً } أي: مكتوباً. وقال في آية أخرى:{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ } [آل عمران:185]. قوله: { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالأَيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ } أي: إن القوم كانوا إذا سألوا نبيَّهم الآيةَ فجاءتهم الآية، لم يؤمنوا فيُهلكهم الله. وهو كقوله: { قَالُوا } يعني مشركي العرب للنبي: { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ } أي: موسى وعيسى والرسل التي جاءت قومها بالآيات. قال الله: { مَا ءَامَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ } أي: من أهل قرية{ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } [الأنبياء:5-6] أي: لا يؤمنون لو جاءتهم أية. وقد أخَّر الله عذاب كفار آخر هذه الأمة بالاستئصال إلى النفخة الأولى. قال: { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالأَيَاتِ } إلى قومك يا محمد { إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ } وكنا إذا أرسلنا إلى قوم بآية فلم يؤمنوا أهلكناهم، فلذلك لم نرسل لهم بالآيات، لأن آخر كفار هذه الأمة أُخِّروا إلى النفخة الأولى. قال بعضهم: قال أهل مكة للنبي عليه السلام: إن كان ما تقول حقّاً، ويَسُرُّك أن نؤمن لك فحوِّل لنا الصفا ذهباً، فأتاه جبريل فقال: إن شئت كان الذي سألك قومك، ولكن إن هم لم يؤمنوا لم يُنظَروا، وإن شئت استأنيتَ بقومك. قال: " لا، بل أستأني بقومي " فأنزل الله: [ { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالأَيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ } ] وأنزل: { مَا ءَامَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ }. قوله: { وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً } أي: بيّنة. [وقال مجاهد: آية] { فَظَلَمُوا بِهَا } أي: ظلموا أنفسهم بعقرها { وَمَا نُرْسِلُ بِالأَيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً }. أي: يخوّفهم الله بالآيات فيخبرهم أنهم إذا لم يؤمنوا بعد مجيء الآية عذَّبهم.