{ وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ } تكرماً. { وَقَالُواْ } للاغين. { لَنَا أَعْمَـٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـٰلُكُمْ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمْ } متاركة لهم وتوديعاً، أو دعاء لهم بالسلامة عما هم فيه. { لاَ نَبْتَغِى ٱلْجَـٰهِلِينَ } لا نطلب صحبتهم ولا نريدها. { إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ } لا تقدر على أن تدخلهم في الإِسلام. { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاءُ } فيدخله في الإِسلام. { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } بالمستعدين لذلك. والجمهور على " أنها نزلت في أبي طالب فإنه لما احتضر جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، قال: يا ابن أخي قد علمت إنك لصادق ولكن أكره أن يقال خدع عند الموت " { وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا } نخرج منها. نزلت في الحرث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نحن نعلم أنك على الحق ولكنا نخاف إن اتبعناك وخالفنا العرب وإنما نحن أكلة رأس أن يتخطفونا من أرضنا فرد الله عليهم بقوله: { أَوَ لَمْ نُمَكّن لَّهُمْ حَرَماً ءَامِناً } أو لم نجعل مكانهم حرماً ذا أمن بحرمة البيت الذي فيه يتناحر العرب حوله وهم آمنون فيه. { يُجْبَىٰ إِلَيْهِ } يحمل إليه ويجمع فيه، وقرأ نافع ويعقوب في رواية بالتاء. { ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ } من كل أوب. { رّزْقاً مّن لَّدُنَّا } فإذا كان هذا حالهم وهم عبدة الأصنام فكيف نعرضهم للتخوف والتخطف إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة التوحيد. { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } جهلة لا يتفطنون له ولا يتفكرون ليعلموه، وقيل إنه متعلق بقوله { مّن لَّدُنَّـا } أي قليل منهم يتدبرون فيعلمون أن ذلك رزق من عند الله، وأكثرهم لا يعلمون إذ لو علموا لما خافوا غيره، وانتصاب { رِزْقاً } على المصدر من معنى { يُجْبَىٰ } ، أو حال من الـ { ثَمَرٰتِ } لتخصصها بالإِضافة، ثم بين أن الأمر بالعكس فإنهم أحقاء بأن يخافوا من بأس الله على ما هم عليه بقوله: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا } أي وكم من أهل قرية كانت حالهم كحالهم في الأمن وخفض العيش حتى أشروا فدمر الله عليهم وخرب ديارهم. { فَتِلْكَ مَسَـٰكِنُهُمْ } خاوية. { لَمْ تُسْكَن مّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً } من السكنى إذ لا يسكنها إلا المارة يوماً أو بعض يوم، أو لا يبقى من يسكنها من شؤم معاصيهم. { وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوٰرِثِينَ } منهم إذ لم يخلفهم أحد يتصرف تصرفهم في ديارهم وسائر متصرفاتهم، وانتصاب { مَعِيشَتَهَا } بنزع الخافض أو بجعلها ظرفاً بنفسها كقولك: زيد ظني مقيم، أو بإضمار زمان مضاف إليها أو مفعولاً على تضمين بطرت معنى كفرت. { وَمَا كَانَ رَبُّكَ } وما كانت عادته.