قوله تعالى: { مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ } حال من: " ولمن خاف " ، أو نصب على المدح لهم. { بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } البِطَانة: ما تحت الظِّهارة، والإستبرق: ما غَلُظَ [من] الديباج. وقد ذكرناه في الكهف. قال أبو هريرة: هذه البطائن فما ظنكم بالظهائر. قال ابن عباس: إنما ترك وصف الظهائر؛ لأنه ليس أحد يعلم ما هي. { وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } أي: ما يُجْتَنَى منهما من الثمار، قريبٌ من جَانِيهِ، لا يَرُدُّ يده عنها بُعْدٌ ولا شَوْكٌ. قال ابن عباس: تدنو الشجرة حتى يجتنيها وليّ الله، إن شاء قائماً وإن شاء قاعداً. قوله تعالى: { فِيهِنَّ } أي: في الفرش أو في الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفُرُش، أو في الجنتين؛ لاشتمالهما على قصور وأماكن، أو في الجنات. وقد دلَّ عليها ما تقدم ذكره. { قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ } مذكورٌ في الصافات. { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ } وقرأ الكسائي: " يَطْمُثْهُنَّ " بضم الميم، وهما لغتان. قال الفراء: الطَّمْث: الافْتِضَاض، وهو النكاح بالتَّدْمِيَة. والمعنى: لم يفتضّ بكارتهنَّ. قال مقاتل: لأنهن خُلِقْنَ في الجنة. فعلى قوله: هُنَّ من حور الجنة. وقال الشعبي: هُنَّ من نساء الدنيا، لم يمسسن مُذْ أنشئن. وهو قول ابن السائب: لم يجامعهن في هذا الخلق الذي أنشئن فيه إنس ولا جان. قال الزجاج: وفي هذه الآية دليل على أن الجني يَغْشَى ما يغشاه الإنسي. وسُئل طلق بن حبيب: هل يدخل الجِنَّةُ الجَنَّةَ؟ [فقال]: نعم، ثم تلا هذه الآية، فللجِنِّ جِنِّيات، وللإنس إنْسِيَّات. قوله تعالى: { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } قال قتادة: هُنَّ في صفاء الياقوت وبياض المرجان. قال الزجاج وغيره من أهل اللغة: المرجان: اللؤلؤ الصغار، وهو أشد بياضاً من كبار اللؤلؤ. وقال أهل اللغة: الياقوت: فارسي مُعرَّب، والجمع: اليواقيت. وقد تكلَّمتْ به العرب. قال مالك بن [نويرة]:
لَنْ يُذهبَ اللُّؤْمَ تاجٌ قد حُبيتَ به
من الزبرْجَد والياقوتِ والذهب
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أول زمرة تَلِجُ الجنة صورتهم صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوَّة، ورشحهم المسك، لكل واحد منهم [زوجتان]، يُرى مُخّ سُوقهما من وراء اللحم من الحُسن ". وفي حديث أبي سعيد نحوه وقال فيه: " على كل زوجة سبعون حُلَّة، يُرى مُخّ ساقها من وراء لحمها ودمها وحُللها ". قوله تعالى: { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } أي: هل جزاء الإحسان في العمل في الدنيا إلا الإحسان في الجزاء في الآخرة. قال ابن عباس: هل جزاء من قال: لا إله إلا الله وعمل بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إلا الجنة.