{ وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ } يعني أنهار النيل ومعظمها أربعة: نهر الملك، ونهر طولون، ونهر دمياط، ونهر تنيس. { تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ } بين يدي وجناتي وبساتيني، وقال ابن عباس: حولي. عطاء: في قبضتي وملكي. الحسن: بأمري. { أَفَلاَ تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَآ خَيْرٌ } بل أنا بخير. (أم) بمعنى بل، وليس بحرف على قول أكثر المفسرين، وقال الفراء: وقوم من أهل المعاني الوقوف على قوله (أَم)، وعنده تمام الكلام. وفي الآية إضمار ومجازها: أفلا تبصرون أم لا تبصرون أم إبتداء، فقال: أنا خير { مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ } ضعيف حقير يعني موسى (عليه السلام). { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } يفصح بكلامه وحجته، لعيّه ولعقدته والرنة الّتي في لسانه. { فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ } إن كان صادقاً { أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ } قرأ الحسن ويعقوب وأبو حاتم وحفص { أَسْوِرَةٌ } على جمع السوار، وقرأ أبي: أساور، وقرأ إبن مسعود: أساوير، وقرأ العامة: أساورة بالألف على جمع الأسورة وهو جمع الجمع. وقال أبو عمرو بن العلاء: واحد الأساورة والأساور والأساوير أساور، وهي لغة في السوار. قال مجاهد: كانوا إذا استودوا رجلاً سوّروه بسوار، وطوّقوه بطوق من ذهب يكون ذلك دلالة لسيادته وعلامة لريّاسته. فقال فرعون: هلا ألقى ربّ موسى أسورة من ذهب. { أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } متابعين يقارن بعضهم بعضاً يمشون معه شاهدين له. قال الله تعالى: { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ } القبط وجدهم جهالاً. { فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ }. أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه، حدثنا ابن مالك، حدثنا إبن حنبل، حدثنا أبي، حدثنا الوليد بن مسلم، قال: قال الضحاك بن عبد الرحيم بن أبى حوشب: سمعت بلال بن سعد يقول: قال أبو الدرداء: لو كانت الدّنيا تزن عند الله جناح ذباب ما سقي فرِعون منها شراباً. { فَلَمَّآ آسَفُونَا } أغضبونا، وقال الحسين بن الفضل: خالفونا { ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً } قرأ علي وابن مسعود بضم السين وفتح اللام، وقال المؤرخ والنضر بن شميل: هي جمع سلفة، مثل طرقة وطرق، وغرفة وغرف، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي بضم السين واللام، قال الفراء: هو جمع سليف، وحكي عن القاسم بن معين إنّه سمع العرب تقول: مضى سليف من الناس، وقال أبو حاتم: سَلف وسُلف واحد، مثل خَشَب وخُشُب، وثَمَر وثُمُر وقرأ الباقون فتح السين واللام على جمع السالف مثل حارس وحرس، وراصد ورّصد، وهم جميعاً: الماضون المتقدمون من الأمم. { وَمَثَلاً } عبرة. { لِّلآخِرِينَ } لمن يجيء بعدهم، قال المفسرون: سلفاً لكفّار هذه الأمة إلى النّار. { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً } في خلقه من غيرِ أَب. فشبه بآدم من غيرِ أَب ولا أُم.