{ أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء } أي: ذات وحقيقة مخلوقة، أية ذات كانت من المخلوقات { يتفيأ ظلاله } أي: يتجسد ويتمثل هياكله وصوره، فإن لكل شيء حقيقة هي ملكوت ذلك الشيء وأصله الذي هو به، هو كما قال تعالى:{ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } [يس، الآية: 83]. وظلاله هو: صفته ومظهره، أي: جسده الذي به يظهر ذلك الشيء. { عن اليمين و } عن { الشمائل } أي: عن جهة الخير والشرّ { سُجّدَاً لله } منقادة بأمره، مطواعة لا تمتنع عما يريد فيها، أي: يتحرك هياكله إلى جهات الأفعال الخيرية والشرّية بأمره { وهم داخرون } صاغرون، متذللون لأمره، مقهورون. { ولله يَسْجُد } ينقاد { ما في السموات } في عالم الأرواح من أهل الجبروت والملكوت والأرواح المجرّدة المقدّسة { وما في الأرض } في عالم الأجساد من الدواب والأناسيّ والأشجار وجميع النفوس والقوى الأرضية والسماوية { وهم لا يَسْتَكْبِرون } لا يمتنعون عن الانقياد والتذلّل لأمره { يخافون ربّهم } أي: ينكسرون ويتأثرون وينفعلون منه انفعال الخائف { من فوقهم } من قهره وتأثيره وعلوّه عليهم { ويفعلون ما يؤمرون } طوعاً وانقياداً بحيث لا يسعهم فعل غيره. { إذا فريق منكم بربهم يُشْرِكون } بنسبة النعمة إلى غيره ورؤيته منه، وكذا بنسبة الضرّ إلى الغير وإحالة الذنب في ذلك عليه، والاستعانة في رفعه به. قال الله تعالى: " أنا والجنّ والإنس في نبأ عظيم، أخْلُقْ ويُعْبَد غيري، وأرْزُق ويُشْكر غيري " ، وذلك هو كفران النعمة والغفلة عن المنعم المشار إليهما بقوله: { ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون } وبال ذلك الاعتقاد عليهم، أو فسوف تعلمون بظهور التوحيد أن لا تأثير لغير الله في شيء.