{ واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب } ، قيل: اذكرهم بفضلهم وصبرهم لتسلك طريقهم { أولي الأيدي } أي ذو القوة على العباد { والأبصار } الفقه في الدين، وقيل: أولوا العلم والعمل { إنا أخلصناهم } جعلناهم لنا خالصين { بخالصة ذكرى الدار } يعني ذكرهم الآخرة ورغبهم فيها وتزهيدهم في الدنيا كما هم ببيان الأنبياء، وقيل: اخلصوا ذكر الله وأخلص الله قلوبهم لذكر دار الآخرة، وقيل: ذكر الدار يعني ذكر الناس لهم بالثناء الحسن الذي ليس لغيرهم من أجل قيامهم بالنبوة { وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار } المختارين للنبوة الأخيار في الدنيا للمنزلة الرفيعة وفي الآخرة بالدرجة العظيمة { واذكر اسماعيل واليسع } أي يسع الحكمة والعلم ومعرفة الله تعالى { وذا الكفل } ، قيل: ذا الضعف من الثواب قال تعالى:{ يؤتكم كفلين من رحمته } [الحديد: 28] قيل: هو زكريا تكفل بأمرهم، وقيل: هو حزقيل { وكل من الأخيار } وكلهم من الأخيار { هذا ذكر } أي هذا نوع من الذكر وهو القرآن، وقيل: معناه هذا شرف وذكر جميل تذكرون به، وعن ابن عباس: { هذا ذكر } من مضامن الأنبياء { وإن للمتقين } من يتقي المعاصي { لحسن مآب } مرجع وهو الجنة، والمآب أحسن مكان، فسَّره فقال: { جنّات عدن مفتحة لهم الأبواب } { متكئين فيها } يعني جالسين آمنين جلسة الملوك { يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب } { وعندهم قاصرات } قصرن أعينهن على أزواجهن { أتراب } ، قيل: أقران على سن واحد ليس فيهن عجوز { هذا ما توعدون ليوم الحساب } { إن هذا لرزقنا ما له من نفاد } أي انقطاع، أي { هذا } الثواب للمتقين { وإن للطاغين } العصاة { لشر مآب } مرجع ولا مآب أشر من نار تلظى { جهنم يصلونها } أي يصيرون وقود جهنم { فبئس المهاد } أي بئس الفراش { هذا فليذوقوه حميم وغساق } ، قيل: هو القيح الذي يسيل منهم، وقيل: هو عين في جهنم يسيل اليها كل ذات حُمَةٍ من حيات وعقارب، وقيل: هو ما يسيل من دموعهم يسبقونه نعوذ بالله منه ونستجير { وآخر من شكله } أي من ضعف العذاب وجنسه في الشدَّة، وقيل: هو الزمهرير، وقيل: السلاسل والأغلال { أزواج } أجناس { هذا فوج } جماعة { مقتحم معكم } النار، وهذه حكاية كلام الطاغين بعضهم مع بعض أي يقولون هذا، والمراد الفوج اتباعهم الذين اقتحموا معهم الضلالة فيقحمون معهم العذاب { لا مرحباً بهم } دعا منهم على اتباعهم يقولون لمن دعا عليهم لا مرحبا أي لا رحباً من البلاد، ونحو قوله تعالى:{ كلما دخلت أمة لعنت أختها } [الأعراف: 38]، وقيل: هذا فوج مقتحم كلام الخزنة لرؤساء الكفار في اتباعهم لا مرحباً بهم، فقالوا: النار كلام الرؤساء، وقيل: هذا كله كلام الخزنة { قالوا } اي الاتباع { بل أنتم لا مرحبا بكم } يريدون الدعاء الذي دعوتم به علينا أنتم أحق به، وعللوا بقولهم: { أنتم قدمتموه لنا } والصبر للعذاب أو لصلبهم { فبئس القرار } { قالوا } يعني الأتباع { ربنا من قدّم لنا هذا } من شرع لنا هذا وهم القادة والرؤساء { فزده عذاباً ضعفاً } على عذابنا { في النار } ، وقيل: حيات وأفاعي { وقالوا } يعني الكفار، وقيل: صناديد قريش { ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار } مثل بلال وصهيب وعمار وغيرهم يعنون بذلك فقراء المسلمين { اتخذناهم سخرياً } وليسوا كذلك فلم يدخلوا النار { أم زاغت } أبصارنا عنهم وهم فيها، وقيل: يجوز أنهم علموا أنهم استحقوا الثواب لإِيمانهم ولأنهم كانوا أعداء فلا بد من انصاف، قالوا: معناه الآية أم بمعنى بل، زاغت: مالت أبصارنا عنهم ولا شك أنهم في الجنة، وقيل: بل هو خطاب الأتباع والقادة، يعني أيا من كنتم تقولون أنهم أشرار وكنا نسخر منهم بقولكم { إن ذلك لحق تخاصم أهل النار } يعني تخاصمهم على ما تقدم من قولهم لا مرحباً بكم، أو قولهم اتخذناهم سخريا.