{ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ } أي: تنتظرون { بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ } النصر أو الشهادة، { وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ } قال ابن عباس: الصواعق. وقيل: الموت. وقيل: ما أصاب الأمم الخالية. { أَوْ بِأَيْدِينَا } يعني: القتل، { فَتَرَبَّصُوۤاْ } إحدى الحسنيين لنا { إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } إحدى السوأيين لكم. { قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } نزلت في الجد بن قيس، فإنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما عرض عليه الغزو: هذا مالي أعينك به. قال الزجاج: وهذا لفظ أمر، ومعناه: الشرط والجزاء، تقديره: إن أنفقتم طائعين أو كارهين لن يتقبل منكم. ومثله في الشعر قول كثيّر:
أَسِيئِي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي لاَ مَلُومَةٌ
لَدَيْنَا وَلاَ مَقْلِيَّةٌ إِنْ تَقَلَّتِ
وقال الزمخشري: هو أمر في معنى الخبر، كقوله:{ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً } [مريم: 75]، وهذا إنما يجوز إذا دل الكلام عليه، كما جاز عكسه في قولك: رحم الله زيداً وغفر له. ومعنى قوله: { طَوْعاً }: تبرعاً ونفلاً، { أَوْ كَرْهاً }: إلزاماً من الله، { لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } لتوقف القبول على الإيمان والإخلاص. { إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } مارقين من الدين، فلا يُتقبل منكم الإنفاق ما دمتم على النفاق. { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ } قرأ حمزة والكسائي: " يُقْبَلَ " بالياء الواقعة آخر حروف التهجي؛ لأن النفقة في معنى الإنفاق. وقد أشرنا إلى تعليل مثل ذلك فيما سبق. و " أَنْ " في قوله: " [أَنْ] تقبل منهم نفقاتهم " في موضع نصب، وفي " أنهم كفروا " في موضع رفع بـ " مَنَعَهُمْ " ، وتقديره: وما منعهم قبول نفقاتهم إلا كفرهم بالله وبرسوله. { وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلٰوةَ } التي هي عماد الإسلام { إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ } لأنهم لا يرجون ثواب فعلها، ولا يخافون عقاب تركها، { وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } لأنهم يَعُدُّون الإنفاق مَغْرماً.