الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }

قوله: { وَجَعَلْنَا ابْنَ مرْيَمَ وَأُمَّهُ ءَايَةً } فآيته أن خلق من غير ذكر وآيتها أن حملت من غير بعل، ثم تكلم في المهد فكان كلامه آية له، وبراءة لها.

{ وَءَاوَيْنَا هُمَآ إِلَى رَبْوَةٍ } الآية. الربوة ما ارتفع من الأرض وفيه قولان:

أحدهما: أنها لا تسمى ربوة إلا إذا اخضرت بالنبات وربت، وإلاّ قيل نشز اشتقاقاً من هذا المعنى واستشهاداً بقول الله تعالى:كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ } [البقرة: 65] ويقول الشاعر:

طوى نفسه طيّ الحرير كأنه   حوى جنة في ربوة وهو خاشع
الثاني: تسمى ربوة وإن لم تكن ذات نبات قال امرؤ القيس:

فكنت هميداً تحت رمس بربوة   تعاورني ريحٌ جنوب وشمألُ
وفي المراد بها هنا أربعة أقاويل:

أحدها: الرملة، قاله أبو هريرة.

الثاني: دمشق، قاله ابن جبير.

الثالث: مصر، قاله ابن زيد.

الرابع: بيت المقدس. قاله قتادة، قال كعب الأحبار، هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً.

وفي: { ذَاتِ قَرَارٍ } أربعة أوجه:

أحدها: ذات استواء، قاله ابن جبير.

الثاني: ذات ثمار، قاله قتادة.

الثالث: ذات معيشة تقرهم، قاله الحسن.

الرابع: ذات منازل تستقرون فيها، قاله يحيى بن سلام.

وفي { مَعَينٍ } وجهان:

أحدهما: أنه الجاري، قاله قتادة.

الثاني: أنه الماء الطاهر، قاله عكرمة ومنه قول جرير:

إن الذين غروا بلبك غادروا   وشلاً بعينك ما يزال معينا
أي ظاهراً، في اشتقاق المعين ثلاثة أوجه:

أحدها: لأنه جار من العيون، قاله ابن قتيبة فهو مفعول من العيون.

الثاني: أنه مشتق من المعونة.

الثالث: من الماعون.