{ (4) إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ } استثناء مِنَ المشركين واستدراك وكأنه قيل لهم بعد أن أُمروا بنبذ العهد إلى الناكثين ولكن الذين عاهدوا منهم { ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً } من شروط العهد ولم ينكثوا ولم يقتلوا منكم ولم يضرّوكم قطّ { وَلَمْ يُظَاهِرُواْ } ولم يعاونوا { عَلَيْكُمْ أَحَداً } من أعدائكم { فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ } إلى تمام مدّتهم ولا تجعلوا الوفيّ كالغادر { إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } تعليل وتنبيه على أنّ تمام عهدهم من باب التّقوى. { (5) فَإذَا انسَلَخَ } انقضى { الأَشْهُرُ الْحُرُمُ } التي أبيح للنّاكثين أن يسيحوا فيها. العياشي عن الباقر عليه السلام هي يوم النّحر إلى عشر مضين من ربيع الآخر { فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ } الناكثين { حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } من حلّ وحرمٍ { وَخُذُوهُمْ } واسروهم والأخيذ الأسير { واحْصُرُوهُمْ } واحبسوهم وحيلوا بينهم وبين المسجد الحرام { وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } كل ممر وطريق ترصدونهم به لئلاّ يبسطوا في البلاد { فَإِن تَابُواْ } عن الشِّرك بالإيمان { وَأَقَامُواْ الصَّلاَة وَءَاتَوُاْ الزَّكَاةَ } تصديقاً لتوبتهم { فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ } فدعوهم ولا تتعرّضوا لهم بشيء من ذلك { إنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } يغفر لهم ما قد سلف من كفرهم وغدرهم. { (6) وَإنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ } المأمور بالتعرّض لهم { اسْتَجَارَكَ } استأمنك وطلب منك جوارك { فَأَجِرْهُ } فأمنه { حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ } ويتدبّره ويطلع على حقيقة الأمر فانّ معظم الأدلّة فيه { ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ } موضع أمنه إن لم يسلم. القميّ قال اقرأ عليه وعرّفه ثمّ لا تتعرّض له حتى يرجع إلى مأمنه { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ } ما الايمان وما حقيقة ما تدعوهم إليه فلا بدّ من أمانهم حتى يسمعوا ويتدبّروا. { (7) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللهِ وَعِندَ رَسُولِهِ } كيف يكون للمشركين عهد صحيح ومحال أن يثبت لهم عهد مع اضمارهم الغدر والنّكث فلا تطمعُوا في ذلك { إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } يعني ولكنّ الذين عاهدتم منهم عند المسجد الحرام ولم يظهر منهم نكث { فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ } أي فتربّصوا أمرهم فان استقاموا على العهد فاستقيمُوا على الوفاءِ { إنَّ اللهَ يُحِبُّ اْلمُتَّقِينَ }. { (8) كَيْفَ } تكرار لاستبعاد ثباتهم على العهد وحذف الفعل لكونه معلوماً أي كيف يكون لهم عهد { وَإِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } وحالهم أنّهم إن يظفروا بكم { لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ } لا يراعوا فيكم { إِلاًّ } قرابة أو حلفاً { وَلاَ ذِمَّةً } عهداً أو حقّاً { يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ } بوعد الإيمان والطاعة والوفا بالعهد { وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ } ما يتفوّه به أفواههم استيناف لبيان حالهم المنافية لثباتهم على العهد المؤدّية إلى عدم مراقبتهم عند الظفر { وَأكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ } متمرّدون لا عقيدة تزعهم ولا مروّة تردعهم وتخصيص الأكثر لما يوجد فى بعض الكفار من التعفف عمّا يثلم العِرض والتفادي عن الغدر. { (9) اشْتَرَواْ بِآيَاتِ اللهِ } استبدلوا بالقرآن وبيّناته { ثَمَناً قَلِيلاً } عرضاً يسيراً وهو اتّباع الأهواءِ والشهوات { فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ } فعدلوا عنه وصرفوا غيرهم { إنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }. { (10) لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ } المتجاوزون الغاية في الظلم والكفر. { (11) فَإن تَابُواْ } عن الكفر ونقض العَهْدِ { وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وءَاتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ } فهم اخوانكم { فِي الدِّينِ } لهم ما لكم وعليهم ما عليكم { وَنُفَصِّلُ اْلأَيَاتِ } ونبيّنها { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } اعتراض للحثّ على تامّل ما فصّل.