الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ }

{ وما امروا الا ليعبدوا الله } جملة حالية مفيدة لغاية قبح ما فعلوا اى والحال انهم ما امروا بما امروا فى كتابهم لشئ من الامور الا لأجل أن يعدبوا الله وهذه اللام فى الحقيقة لام الحكمة والمصلحة يعنى أن فعله تعالى وان لم يكن معللا بالغرض الا أنه مغيا بالحكم والمصالح وكثيرا ما تستعمل لام الغرض فى الحكمة المرتبة على الفعل تشبيها لها بها فى ترتبها على الفعل بحسب الوجود وفى حصر علة كونهم مأمورين بما فى كتبهم من عبادة الله بالاخلاص حيث قيل وما امروا بما امروا الا لأجل ان يتذللوا له ويعظموه غاية التذلل والتعظيم ولا يطلبوا فى امتثال ما كلفوا به شيأ آخر سوى التذلل لربهم ومالكهم كثواب الجنة والخلاص من النار دليل على ما ذهب اليه اهل السنة من أن العبادة ماوجبت لكونها مفضية الى ثواب الجنة او الى البعد والنجاة من عذاب النار بل لأجل انك عبد وهو رب ولو لم يحصل فى الدين ثواب ولا عقاب البتة ثم امرك بالعبادة وجبت لمحض العبودية ومقتضى الربوبية والمالكية وفيه ايضا اشارة الى أن من عبد الله للثواب والعقاب فالمعبود فى الحقيقة هو الثواب والعقاب والحق واسطة فالمقصود الاصلى من العبادة هو المعبود وكذا الغاية من العرفان المعروف فعليك بالعبادة للمعبود وبالعرفان للمعروف واياك وان تلاحظ شيأ غير الله تعالى
عاشقانرا شادمانى وعم اوست دست مزد واجرت خدمت هم اوست   
وقال بعضهم الاظهر أن تجعل لام ليعبدوا الله زآئدة كما تزاد فى صلة الارادة فيقال اردت لتقوم لتنزيل الامر منزلة الارادة فيكون المأمور به هذه الامور من العبادة ونحوها كما هو الظاهر ثم ان العبادة هى التذلل ومنه طريق معبد اى مذلل ومن زعم أنها الطاعة فقد اخطأ لان جماعة عبدوا الملائكة والمسبح والاصنام وما اطاعوهم ولكن فى الشرع صارت اسما لكل طاعة لله اديت له على وجه التذلل والنهاية فى التعظيم والعبادة بهذا المعنى لا يستحقها الا من يكون واحدا فى صفاته الذاتية والفعلية فان كان له مثل لم يمكن ان يصرف اليه نهاية التعظيم فثبت بما قلنا أنه لا بد فى كون الفعل عبادة من شيئين احدهما غاية التعظيم وفى حكمه الجاهل الغافل وثانيهما ان يكون مأمورا به ففعل اليهود ليس بعبادة وان تضمن نهاية التعظيم لأنه غير مأمور به فاذا لم يكن فعل الصبى عبادة لفقد التعظيم ولا فعل اليهود لفقد الامر فكيف يكون ركوعك الناقص عبادة والحال أنه لا امر به ولا تعظيم فيه { مخلصين له الدين } حال من الفاعل فى ليعبدوا اى جاعلين انفسهم خالصة لله تعالى فى الدين يعنى از شرك والحاد باكيزه باشند واز اغراض نفسانيه وقضاى شهوات صافى وبى غش.

السابقالتالي
2