قوله: { وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ }... إلى آخرها. قال الحسن: هو تينكم هذا الذي يؤكل، وزيتونكم الذي يعصر. وهو قول عكرمة ومجاهد، وهو اختيار الطبري. وقال كعب الأحبار: التين مسجد دمشق، والزيتون بيت المقدس. وهو قول ابن زيد. وقال قتادة: التين: الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون: [(الجبل) الذي عليه] بيت المقدس. وعن ابن عباس أن " التين مسجد نوح، والزيتون مسجد (بيت المقدس " ). وعن عكرمة أنهما جبلان بالشام. وقال محمد بن كعب: التين: مسجد أصحاب الكهف، والزيتون: مسجد) إيلياء. والتقدير على جميع هذه الأقوال: ورب التين والزيتون. وقوله: { وَطُورِ سِينِينَ }. قال قتادة: طور سينين: مسجد عيسى عليه السلام. وقال ابن عباس والحسن: هو الجبل، وهو الطور. وقال عكرمة: الطور: الجبل، و " سينين ": حسن في لغة الحبشة. وقال مجاهد: هو جبل. وكذلك روي عن عمر رضي الله عنه. وعن مجاهد أن " الطور " جبل، و " سينين ": مبارك حسن. وقاله قتادة: وقال: هو " جبل بالشام، مبارك حسن ". ويلزم على هذا التأويل / أن ينوّن طور، [لأنه لا يضاف إلى نعته]. وقيل: { سِينِينَ } هو قوله: " طور سيناء " أتى بلغتين. والعرب تغير الأسماء الأعجمية. والطور في اللغة جبل نو النبات، فيكون قد أضيف إلى سنين للتعريف. [وبعيد] أن يكون " سينين " نعتاً لـ " طور ". وكان الأخفش يقول: " طور ": الجبل، " وسينين ": شجر، [واحده: سينينة]. فكأنه قال: وجبل شجر. ثم قال تعالى: { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ }. يعني: مكة، والأمين: بمعنى الأمن، أي: الأمن من أعدائه أن يحاربوا أهله (فيه) أو يغزوهم. وهو قوله:{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً } [العنكبوت: 67]. ثم قال: { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }. هذا جواب القسم، والمعنى: لقد خلقنا الإنسان في أعدل خلق وأحسن صورة. وقيل: معناه: بلغنا به بعد خلقه استواء شبابه وقوته. وذلك أحسن ما يكون، وأعدل ما يكون، وأقوى ما يكون. وقال عكرمة: { فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } هو " الشاب القوي الجلد ". وقيل: يعني بالإنسان (ها) هنا (آدم) في أحسن صورة. { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } يعني: الكافر من ولده. وعن ابن عباس أن معناه أنه خلق معتدلاً مقوماً، وليس شيء من الحيوان إلا خلق منكباً على وجهه إلا الإنسان. وتقدير الكلام: لقد خلقنا الإنسان في تقويم أحسن تقويم، ثم حذف الموصوف وقامت الصفة مقامه. ثم قال: { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } أي: إلى أرذل العمر من الكبر. [قاله] قتادة والضحاك والنخعي. وروي أنها نزلت في نفر (كبروا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) فسفهت عقولهم، فسئل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله فيهم: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }.