قوله جلّ ذكره: { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ }. ألَمْ نُوَسِّعْ قَلْبَكَ للإِسلام؟ ألم نُليِّنه للإِيمان؟ ويقال ألم نوسع صدرك بنور الرسالة؟ ألم نوسِّع صدرك لقَبُولِ ما نورِدُ عليك. { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ }. أي: إثمْكَ قبل النبوَّة. ويقال: عصمناكَ عن ارتكابِ الوِزْرِ؛ فَوضْعُه عنه بأنَّه لم يستوجبْه قطّ. ويقال: خفضنا عنك أعباءَ النبوَّة وجعلناكَ محمولاً لا متحمِّلاً. ويقال: قويناك على التحمُّل من الخَلْق، وقوَّيناك لمشاهدتنا، وحفظنا عليك ما استحفظت، وحرسناكَ عن ملاحظة الخَلْقَ فيما شرَّفناك به. { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ }: أثقله، ولولا حَمْلُنا عنك لَكُسِرَ. { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }. بِذِكْرنا؛ فكما لا تَصِحُّ كلمةُ الشهادة إلا بي، فإنها لا تَصِحُّ إلا بك. ويقال: رفعنا لك ذكرك بقول الناس: محمد رسول الله! ويقال: أثبتنا لك شرف الرسالة. { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً }. وفي الخبر: " لن يغلب عُسْرٌ يُسْريْن " ومعناه: أن العسر بالألف واللام في الموضعين للعهد - فهو واحد، واليُسْر مُنكَّرٌ في الموضعين فهما شيئان. والعُسْر الواحد: ما كان في الدنيا، واليسران: أحدهما في الدنيا في الخصب، وزوال البلاء، والثاني في الآخرة من الجزاء وإذاً فعُسْرُ جميع المؤمنين واحد - وهو ما نابهم من شدائد الدنيا، ويُسْرُهم اثنان: اليومَ بالكَشْفِ والصَّرْفِ، وغداً بالجزاء.