الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ ولو انهم صبروا } الصبر حبس النفس عن ان تنازع الى هواها { حتى تخرج اليهم } لو مختص بالفعل على ما ذهب اليه المبرد والزجاج والكوفيون فما بعد لو مرفوع على فاعلية لا على الابتدآء على ما قاله سيبويه والمعنى ولو تحقق صبرهم وانتظارهم حتى تخرج اليهم وحتى تفيد أن الصبر ينبغى أن يكون مغيا بخروجه عليه السلام فانها مختصة بما هو غاية للشئ فى نفسه ولذلك تقول اكلت السمكة حتى رأسها ولا تقول حتى نصفها وثلثها بخلاف الى فانها عامة وفى اليهم اشعار بأنه لو خرج لا لاجلهم ينبغى ان يصبروا حتى يفاتحهم بالكلام او يتوجه اليهم { لكان } اى الصبر المذكور { خيرا لهم } من الاستعجال لما فيه من رعاية حسن الادب وتعظيم الرسول الموجبين للثواب والثناء والاسعاف بالمسئول اذ روى انهم وفدوا شافعين فى اسارى بنى العنبر قال فى القاموس العنبر ابو حى من تميم قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث رسول الله عليه السلام سرية الى حى بنى العنبر وأمر عليهم عينية بن حصين فلما علموا انه توجه نحوهم هربوا وتركوا عيالهم فسباهم عيينة وقدم بهم على رسول الله فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذرارى فقدموا وقت الظهيرة ووافقوا رسول الله فتلاقى اهله فلما رأتهم الذرارى اجهشوا الى آبائهم يبكون ولاجهاش كريستن راساختن. يقال اجهش اليه اذا فزع اليه وهو يريد البكاء كالصبى يفزع الى امه وكان لكل امرأة من نساء رسول الله بيت وحجرة فجعلوا ينادون يا محمد اخرج الينا حتى ايقظوه من نومه فخرج اليهم فقالوا يا محمد فادنا عيالنا فنزل جبرآئيل فقال ان الله يأمرك ان تجعل بينك وبينهم رجلا فقال عليه السلام لهم " أترضون ان يكون بينى وبينكم سبرة بن عمرو وهو على دينكم " قالوا نعم قال سبرة انا لا احكم بينهم وعمى شاهد وهو أعور بن بشامة بن ضرار فرضوا به فقال الاعور فأنا أرى ان تفادى نصفهم وتعتق نصفهم فقال عليه السلام " قد رضيت " ففادى نصفهم وأعتق نصفهم وقال مقاتل لكان خيرا لهم لانك كنت تعتقهم جميعا وتطلقهم بلا فدآء { والله غفور رحيم } بليغ المغفرة والرحمة واسعهما فلن تضيق ساحتهم عن هؤلاء المسيئين للادب ان تابوا واصلحوا { قال الكاشفى } والله غفور وخداى تعالى آمر زنده است كسى راكه توبه كند ازبى ادبى رحيم مهربانست باهل ادب كه تعظيم سيد اولوا الالباب ميكنند جه ادب جاذب رحمتست وحرمت جالب نعمت
سرمايه ادب بكف آوركه ابن متاع آلراكه هست سوء ادب نايدش بكف   
وفى هذا المقام امور، الأول ان فى هذه الآية تنبيها على قدر قدره عليه السلام والتأدب معه بكل حال فهم انما نادوه لعدم عقل يعرفون به قدره ولوعرفوا قدره لكانوا كما فى الخبر يقرعون بابه بالاظافير وفى المناداة اشارة الى انهم رأوه من ورآء الحجاب ولو كانوا من اهل الحضور والشهود لما نادوه كما قال بعضهم

السابقالتالي
2 3