{ إنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة } من المحجوبين بتزين نفوسهم بكمالاتها وهيئات أعمالها { فهم يعمهون } يعمون بصائرهم عن إدراك صفات الحق وتجليات أنوارها وإلا لم يحجبوا بصفاتهم وأفعالهم بل فنوا عنها. { أولئك الذين لهم سوء العذاب } بنيران الحجاب والحرمان عن لذات تجليات الصفات { وهم في الآخرة } ومقام كشف الذات في القيامة الكبرى { هم الأخسرون } لتكاثف حجابهم بصفاتهم وذواتهم فلا خلاق لهم من الجنتين ولذاتهما. { وإنك لتلقى القرآن } أي: العقل القرآني { من لدن } أي: من عين جمع الوحدة في الصفات الأول الذي لا حجاب بينه وبين الحضرة الأحدية بل هو نفسه الحجاب الأقدس المفيض لكل الاستعدادات من العقول الفرقانية على أربابها من الأعيان الثابتة الإنسانية { حكيم } ذي حكمة بالغة تامّة وعلم محيط شامل. اذكر من جملة علوم الحق وحكمه وقت قول موسى القلب { لأهله } من النفس والحواس الظاهرة والباطنة { امكثوا } واثبتوا ولا تشوّشوا وقتي بالحركات { إني آنست } بعين البصيرة { ناراً } أي: نار وما أعظمها هي نار العقل والفعال { سآتيكم منها بخبر } أي: علم بالطريقة إلى الله، وكان حاله أنه ضلّ الطريقة إلى الله برعاية أغنام القوى البهيمية وزوجه النفس الحيوانية { أو آتيكم بشهاب قبيس } أي: بشعلة نورية تشرق عليكم حين اتصالي بالنار وتنوري بها { لعلكم تصطلون } عن برد الركون إلى البدن والسكون إليه وهوى لذاته فتشتاقوا بحركة تلك النار إلى جناتي وتسيرون بمحبتي إلى مقام الصدر. { فلما جاءها نودي أن بُورِكَ } أي: كثر خير { من في النار } أي: هو موسى القلب الواصل إلى النار بتجليّات الصفات الإلهية ووجدان الكمالات الحقيقية ومقام المكالمة عن النبوّة { ومن حولها } من القوى الروحانية والملائكة السماوية بأنوار المكاشفة وأسرار العلوم والحِكَم والتأييدات القدسية والأحوال السريّة والذوقية { وسبحان الله ربّ العالمين } ونزّه ذات الله بتجرّدك عن الصفات النفسانية والغواشي الجسدانية والنقائص والمعائب.