وقوله سبحانه: { وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ... } الآية: { ٱلْكِتَـٰبُ } اسم جنس يراد به كُتُب النَّاس التي أحصتها الحَفَظة لواحدٍ واحدٍ، ويحتمل أن يكون الموضوع كتاباً واحداً حاضراً، وباقي الآية بيِّن. وقوله سبحانه: { إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ } قالت فرقة: إبليسُ لم يكُنْ من الملائكَةِ، بل هو من الجِنِّ، وهم الشياطينُ المخلوقون من مَارِجٍ من نارٍ، وجميعُ الملائكة إنما خلقوا من نورٍ، واختلَفَتْ هذه الفرقةُ، فقال بعضهم: إِبليس من الجنِّ، وهو أولهم وبَدْأَتُهم، كآدمَ من الإِنس، وقالت فرقة: بل كان إِبليس وقبيلُهْ جِنًّا، لكن جميع الشياطين اليَوْمَ من ذريته، فهو كُنوح في الإنس، واحتجُّوا بهذه الآية. وقوله: { فَفَسَقَ } معناه فخرج عن أمر ربِّه وطاعته. وقوله عزَّ وجلَّ: { أَفَتَتَّخِذُونَهُ } يريد: أَفتَتَّخِذُونَ إِبليس. وقوله: { وَذُرِّيَّتَهُ }: ظاهر اللفظ يقتضي المُوَسْوِسين من الشياطين، الذين يأمْرُون بالمنْكَر، ويحملون على الأباطيل. وقوله تعالى: { بِئْسَ لِلظَّـٰلِمِينَ بَدَلاً } أي: بدل ولايةِ اللَّه عزَّ وجلَّ بولاية إِبليس وذريته، وذلك هو التعوُّض من الحقِّ بالباطلِ.