قوله تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } يعني القرآن. { مُصَدِّقَاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ } يعني لما قبله من الكتاب وفيه وجهان: أحدهما: مصدقاً بها، وهو قول مقاتل. والثاني: موافقاً لها، وهو قول الكلبي. { وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ } فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني أميناً، وهو قول ابن عباس. والثاني: يعني شاهداً عليه، وهو قول قتادة، والسدي. والثالث: حفيظاً عليه. { فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمآ أَنزَلَ اللَّهُ } هذا يدل على وجوب الحكم بين أهل الكتاب إذا تحاكموا إلينا، وألا نحكم بينهم بتوراتهم ولا بإنجيلهم. { وَلاَ تَتَّبعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ } فيهم قولان: أحدهما: أنهم أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. والثاني: أمم جميع الأنبياء. { شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } أما الشرعة فهي الشريعة وهي الطريقة الظاهرة، وكل ما شرعت فيه من شيء فهو شريعة ومن قيل لشريعة الماء شريعة لأنها أظهر طرقه إليه، ومنه قولهم: أُشْرِعَتِ الأسنة إذا ظهرت. وأما المنهاج فهو الطريق الواضح، يقال طريق نهج ومنهج، قال الزاجر:
مَن يَكُ ذَا شَكٍّ فهذَا فَلْجُ
مَاءٌ رُوَاءٌ وطريقٌ نَهْجُ
فيكون معنى قوله شرعة ومنهاجاً أي سبيلاً وسنة، وهذا قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة. { وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدةً } فيه قولان: أحدهما: لجعلكم على ملة واحدة. الثاني: لجمعكم على الحق، وهذا قول الحسن.