{ قالت ربّ أنى يكون لي ولد } تعجب النفس من حملها وولادتها من غير أن يمسها بشر، أي من غير تربية شيخ وتعليم معلم بشري، وهو معنى بكارتها { قال كذلك الله يَخلق ما يَشاء } أي: يصطفي من شاء بالجذب والكشف ويهب له مقام القلب من غير تربية وتعليم كما هو حال المحبوبين وبعض المحبين. { ويعلّمه } بالتعليم الربانيّ، كتاب العلوم المعقولة، وحكم الشرائع، ومعارف الكتب الإلهية من التوراة والإنجيل، أي معارف الظاهر والباطن { ورَسُولاً } إلى المستعدّين الروحانيين من أسباط يعقوب الروح { أني قد جِئْتكم بآية من ربّكم } تدلّ على أني آتيكم من عنده { أني أخلق لكم } بالتربية والتزكية والحكمة العملية من طين نفوس المستعدّين الناقصين { كهيئة الطير } الطائر إلى جناب القدس من شدّة الشوق { فأنفخ فيه } من نفث العلم الإلهيّ ونفس الحياة الحقيقية بتأثير الصحبة والتربية { فيكون طَيراً } أي: نفساً حيّة طائرة بجناح الشوق والهمة إلى جناب الحقّ { وأُبْرِئُ الأكمه } المحجوب عن نور الحق الذي لم تنفتح عين بصيرته قط ولم تبصر شمس وجه الحق ولا نوره ولم يعرف أهل بكحل نور الهداية { والأَبْرَص } المعيوب نفسه بمرض الرذائل والعقائد الفاسدة ومحبّة الدنيا ولوث الشهوات بطب النفوس { وأُحْيي } موتى الجهل بحياة العلم { بإذنِ الله وأُنبئكم بما تأكلون } تتناولون من مباشرة الشهوات واللذّات { وما تدّخرون في بُيُوتكم } أي: في بيوت غيوبكم من الدواعي والنيّات { إنّ في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ومصدّقاً لما بين يدي من التوراة } أي: من توراة علم الظاهر { ولأحل لكم بعض الذي حرمَ عليكم } من أنوار الباطن { وجئتكُم بآية } بدليل { من ربّكم } هو التوحيد الذي لم يخالفني فيه نبيّ قط { فاتّقوا الله } في مخالفتي، فإني على الحق { وأطيعونِ } في دعوتكم إلى التوحيد.