قوله تعالى: { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ } إلى قوله: { إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ }. أي: ونضع الموازين العدل في يوم القيامة. " اللام " بمعنى: " في ". وقيل: " اللام " على بابها. والتقدير لأهل يوم القيامة. { فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً }. أي: لا يؤخذ / أحد بذنب غيره، أو بذنب لم يعمله، أو يسقط له ما عمله من خير. قال ابن عباس: هذا بمنزلة قوله:{ وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ } [الأعراف: 8]. وروي أن الميزان له كفتان، وأن الأعمال تمثل بما يوزن. ويروى أنه إنما يوزن خواتمها. وقال سلمان الفارسي: توضع الموازين يوم القيامة، فلو وضع في إحدى الكفتين السماوات والأرض، لوسعتهن. فتقول الملائكة: ربنا لمن وضعت هذا؟ فيقول: لمن شئت من عبادي. فيقولون: سبحان ربنا ما عبدناك حق عبادتك. وعن حذيفة: أن صاحب الميزان يوم القيامة جبريل صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم. وعن مجاهد: " الموازين ": العدل. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يذكر أحد حميمه عند الميزان ". وقوله: { وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا }. أي: إن كان له عمل من الحسنات أو [عليه] عمل من السيئات وزن حبة من خردل، جئنا بها، فوفينا كلاً ما عمل. وقال ابن زيد: " أتينا بها " أي كتبناها، وأحصيناها له وعليه. وقرأ مجاهد: " أتينا بها، بمعنى: جازينا بها. { وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ }. أي: وكُفينا حاسبين. أي: حسب من شهد الموقف ذلك اليوم بنا حاسبين. إذ لم يغب عنا من أعمالهم شيء. " وحاسبين " نصب على الحال، أو على التمييز. وروى أحمد بن صالح عن قالون عن نافع: " القصط " بالصاد، لأجل الطاء والأصل، السين. ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ }. أي: أعطيناهما الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل. وهو التوراة، قاله قتادة. قال ابن زيد: الفرقان: الحق أتاه الله موسى وهارون، ففرق به بينهما وبين فرعون. قضى بينهم بالحق، وهو مثل:{ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } [الأنفال: 41] يعني: يوم بدر. وهذا القول اختيار الطبري لقوله: وضياء. فالضياء هو التوراة، أضاءت لهما ولمن اتبعهما أمر دينهم. وفي دخول الواو في " وضياء " دليل على أن الضياء غير الفرقان. وقوله: { وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ } أي: وذكراً لمن اتقى الله بطاعته، وخاف ربه بالغيب أن يعاقبه في الآخرة. { وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ }. أي: من قيام القيامة حذرون أن تقوم عليهم، فيردوا على ربهم مفرطون فيما يجب عليهم من طاعته. وقرأ ابن عباس: " الفرقان ضياء " بغير واو. فيكون الفرقان على هذه القراءة التوراة بغير اختلاف. ثم قال تعالى: { وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ }.